الصديق الذي لم يكن يمتاز عليه إلا بسنين قضاها كافرا مشركا . وأنا لا أدري كيف صار الازدواج بين الجاهلية والإسلام في حياة شخص واحد مجدا يمتاز به عمن خلصت حياته كلها لله [1] . ولئن ظهرت للناس في البحوث الجديدة القوم الطبيعية التي تجعل الأجسام الدائرة حول المحور تسير على خط معين ، فلقد ظهرت في علي قبل مئات السنين قوة مثلها ولكنها ليست من حقائق الفيزياء ، بل من قوى السماء وهي التي جعلت من علي مناعة طبيعية للاسلام حفظت له مقامه الأعلى ما دام الأمام حيا ، ومحورا تدور عليه الحياة الإسلامية لتستمد منه روحانيتها وثقافتها وروحها وجوهرها سواء أكان على رأس ا لحكم أو لا . وقد علمت هذه القوة عملها السحري في عمر نفسه ، فجذبته إلى خطوطها المستقيمة مرارا حتى قال : لولا علي لهلك عمر [2] ، وظهر تأثيرها الجبار في التفاف المسلمين حوله في اليوم الذي أسندت فيه مقدرات الخلافة إلى عامة المسلمين ، ذلك الالتفاف الفذ [3] الذي يقل مثيله في تاريخ الشعوب . ونعرف من هذا أن عليا بما جهزته السماء به من تلك القوة ، كان
[1] راجع الصواعق المحرقة : 120 . [2] راجع : الطبقات الكبرى / ابن سعد 2 : 339 ، الصواعق المحرقة : 127 . [3] تاريخ الطبري 2 : 696 وما بعدها .