وعد الله فلما كان وقت السحر وأذن المؤذن بالصلاة خرج فصاح به أوز كان للصبيان في صحن الدار ، فأقبل بعض الخدم يطردهن فقال : دعوهن فإنهن نوائح فقالت ابنته زينب : مر جعدة فليصل بالناس فقال : مروا جعدة فليصل بالناس . ثم قال : لا مفر من القدر ، وأقبل يشد ميزره ويقول [1] : أشدد حيازيمك للموت * فان الموت لاقيكا ولا تجزع من الموت * إذا حل بواديكا وخرج فلما دخل المسجد أقبل ينادى : الصلاة الصلاة فشد عليه ابن ملجم لعنة الله عليه فضربه على رأسه بالسيف فوقعت ضربته في موضع الضربة التي ضربه إياها عمرو بن عبد ود يوم الخندق ، وقبض على عبد الرحمن المغيرة ابن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب ضربه على وجهه فصرعه وأقبل به إلى الحسنين ( ع ) فامر أمير المؤمنين بحبسه وقال : أطعموه واسقوه فان أعش فأنا ولى دمى وأن أمت فاقتلوه ضربة بضربة . وقد صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : قاتل على أشقى هذه الأمة وقبض ليلة الأحد ليلة أحد وعشرين من رمضان وله يومئذ ثلاث وستون سنة ، وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن العباس ودفن في ليلته قبل انصراف الناس من صلاة الصبح ( وقد اختلف الناس في موضع قبرة والصحيح أنه في الموضع المشهور [2] الذي يزار فيه اليوم .
[1] البيتان لأبي عمر وأحيحة بن الجلاح الأوسي الأنصاري ( شاعر جاهلي ) تمثل بهما الإمام عليه السلام ولهما ثالث وهو : فان الدرع والبيضة * يوم الروع يكفيكا ذكر ذلك سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 100 [2] وقد دل على قبره أبناؤه وهم أعرف بقبر أبيهم فان أهل البيت أدرى بما فيه ، واعتمادا على ذلك نشاهد المؤرخين معترفين بان قبره في الموضع المشهور اليوم ، وممن نص على ذلك ابن الأثير في ( الكامل ) ج 3 ص 158 والحموي في ( معجم البلدان ) بمادة النجف والغري ، والكنجي الشافعي في ( كفاية الطالب ) ص 323 وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة ص 138 وابن طلحة الشافعي في ( مطالب السؤل ) ص 63 ، وابن أبي الحديد في ( شرح النهج ) ج 1 ص 364 و ج 2 ص 45 وص 495 وسبط ابن الجوزي في ( التذكرة ) ص 103