نام کتاب : عدة الداعي ونجاح الساعي نویسنده : ابن فهد الحلي جلد : 1 صفحه : 296
قال بعض العلماء : ومن ردائة هذه النفس جهلها انها إذا همت بمعصية ، أو انبعث لها شهوة لو تشفعت إليها بالله تعال ثم برسوله وبجميع أنبيائه ، وكتبه وبجميع الملائكة المقربين ، وتعرض عليها الموت والقبر والقيامة والجنة والنار لا تعطى القياد ولا تسكن ، ولا تترك الشهوة ، ثم استقبلها بمنع رغيف أو اعطاء رغيف تسكن وتترك شهوتها لتعلم خستها وجهلها . وإياك ان تغفل عنها طرفة عين فإنها كما قال خالقها ( ان النفس لا مارة بالسوء الا ما رحم ربى ) وكفى بهذا تنبيها لمن عقل ، فألجمها بالتقوى ، وقدها بزمام الرجا ، وسقها بسوط الخوف واما التقوى فلتتقيد بها عن الجموع والنفار ، واما الخوف فإنما يجب التزامه لامرين : الأول لتزجر به عن المعاصي فإنها أمارة بالسوء ميالة إلى الشر ، ولا تنتهي عن ذلك الا بتخويف عظيم وتهديد . الثاني لئلا تعجب بالطاعة والعجب من المهلكات بل تقمعها بالذم والعيب والنقص وما اكتسب به من الأوزار والخطايا التي توجب الخزي والنار . واما الرجاء فإنما يلزم لامرين : الأول ليبعث على الطاعات لان الخير ثقيل والشيطان عنه زاجر ، والنفس ميالة إلى الكسل والبطالة ، الثاني ليهون عليك احتمال المشقات والشدائد لان من عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل ألا ترى مشتار العسل ؟ لا يتفكر بلسع النحل لما يتذكر من حلاوة العسل ، والفاعل يعمل طول نهاره بالجهد الشديد ويجد لذلك لذة من اجل أخذ الأجرة ، والفلاح لا يتفكر بمقاساة الحر والبرد ومباشرة الشقاء والكد طول السنة لما يتذكر من البذر ( البيدر ) فاجهد أيها الواعي على الغاية القصوى ، واصبر على الألم والبلوى . [1]
[1] القياد : حبل يقاد به الدابة . المجموع من الرجال : الذي ير كب هواه فلا يمكن رده . شرت العسل : استخرجته من موضعه ( المجمع ) البيدر : الموضع الذي يداس فيه الطعام ( أقرب ) .
نام کتاب : عدة الداعي ونجاح الساعي نویسنده : ابن فهد الحلي جلد : 1 صفحه : 296