نام کتاب : عدة الداعي ونجاح الساعي نویسنده : ابن فهد الحلي جلد : 1 صفحه : 208
الثالث مما يدلك ان هذا من غوائل النفس وميلها إلى البطالة انك لما نظرت إلى فوات الثواب الحاصل لك من البطالة والى فوات وقوعهم في الاثم آثرتهم [1] على نفسك بتخفيف ما يلزمهم من الاثم بسوء الظن . وحرمت نفسك الثواب ، وتفكر في نفسك وتمثل في قلبك بعين الانصاف ولو حصل بينك وبينهم في شئ من حظوظ العاجلة منازعة اما في دار أو مال ، أو ظهر لك نوع معيشة تظن فيها فايدة وحصول مال كنت تؤثرهم على نفسك وتتركه لهم ؟ كلا والله بل كنت تناقشهم مناقشة المشاقق وتستأثر عليهم [2] فيما يظهر لك من أنواع المعيشة ان أمكنك فرصة الاستيثار وتقلى [3] الحبيب وتقصى القريب ، وكم رأينا من هاجر قرينه وجفاه ، وابعد ابنه وخلاه وكم من صديقين تطاولت لهما الصداقة وتمادت بهم الملاطفة والاخوة برهة مديدة من الزمان حتى دخلت الدنيا بينهما بمعاملة أو مشاركة فرقت بينهما . وسبب ذلك محبة الاستيثار ، فدل ذلك على أن تركك العمل ليس شفقة عليهم ورحمة لهم ، وإنما هو نزعة من نزعات الشيطان ، وميل النفس إلى الدعة والراحة ، وإذا لم ترض بترك حطام الدنيا لهم كيف تترك عمل الآخرة ؟ ! وهو أنفس وأنت إليه أحوج في فاقة القيامة وهو أبقى لك من حظوظ الدنيا فهل هذا الا استثقالا منك للعمل ؟ وميلا إلى الدعة ، وتتعلل بما زين لك الشيطان من مخائله الباطلة ونعاته المعطلة ، وإذا اشتغلت بالعمل نفعت نفسك وعصيت عدوك ونفعت عباد الله ، فإنهم ربما وافقوك عليها فيحصل لك مثل ثوابهم إذا كنت السبب فيها ، ومن سن سنة حسنة كان له أجر من يعمل بها ، وما يدريك ؟ لعل فيهم من يريد العمل فقد ظن مثل ما ظننت فبادر إلى سد باب الشيطان ونشر عبادة الرحمن ، وقد ورد عنهم عليهم السلام في معنى هذا الكلام : العاقل لا يفعل شيئا من الخير رياء ولا يتركه حياء .
[1] آثره : اختاره ( أقرب ) . [2] استأثر بالشئ على غيره : خص به نفسه ( أقرب ) [3] قلا الإبل : طردها ( أقرب ) .
نام کتاب : عدة الداعي ونجاح الساعي نویسنده : ابن فهد الحلي جلد : 1 صفحه : 208