ليس له بأهل ، حتى قام كل قوم : منا أمير ومنكم أمير وما طمعوا في ذلك إلا إذا تولى الامر غيري . فلما آتت وفاة هذا القائم ، وانقضت أيامه صير الامر من بعده لصاحبه ، وكانت هذه أخت تلك محلها من القلوب محلها ، فاجتمع إلي عدة من أصحاب رسول الله صلوات الله عليه وآله . فقالوا فيها مثل الذي قالوا في أختها ، فلم يعد قولي الثاني قولي الأول ، صبرا واحتسابا خوفا من أن تفنى عصابة ألفها رسول الله صلوات الله عليه وآله ، باللين مرة ، وبالشدة أخرى حتى لقد كان في تأليفه إياهم إن كان الناس في الكن [1] والشبع والزي واللباس والوطاء والدثار [2] . ونحن أهل بيت محمد لا سقوف لبيوتنا ولا ستور ولا أبواب إلا الجرائد وما أشبهها ، ولا وطاء لنا ولا دثار علينا ، يتداول الثوب الواحد منها في الصلاة أكثرنا ، ونطوي الأيام والليالي جوعا عامتنا ، وربما أتانا الشئ مما أفاء الله تعالى علينا ، وصيرة لنا خاصة دون غيرنا فيؤثر به رسول الله صلوات الله عليه وآله أرباب النعم والأموال تأليفا منه لهم ، فكنت أحق من لم يفرق هذه العصابة التي ألفها رسول الله صلوات الله عليه وآله ولم يحملها على الخطة التي لا خلاص لها منها ( دون بلوغها ) لأني لو نصبت نفسي ودعوتهم إلى نصرتي كانوا مني وفي علي أمور : إما متبع يقاتل معي ، أو ممتنع يقاتلني ، أو خاذل لي مقصر عن نصرتي بخذلانه ، فيهلك مقاتلي بقتاله ، وخاذلي بتقصيره وخذلانه ، فيحل بهم من مخالفتي ما حل بقوم موسى ( في مخالفة هارون وقد علموا أن
[1] ومن المحتمل ، الكزم : شدة الاكل ، والشبع : الامتلاء . [2] الدثار ما يتغطى به النائم ، الوطاء : الفراش .