فأرسل أبو سفيان وعيينة إليهم عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان يستخبرونهم ذلك [1] ويدعونهم إلى القتال معهم ويقولون إنا لسنا بدار مقام وقد هلك الخف والحافر ونفذ الزاد وأبى محمد وأصحابه إلا لزوما لخندقهم ، وأنتم أعلم بعورة الموضع ، فأخرجوا الينا بجماعتهم لنناجز محمدا وأصحابه ، ونقتحم عليهم الخندق بجماعتنا . فلما جاء القوم بني قريظة بذلك قالوا : قد كنا مع محمد على حلف ولم نكن نرى منه إلا خيرا . ونقضنا ما كان بيننا وبينه ونحن نخشى ونخاف أن ضرستكم [2] الحرب أن تشمروا إلى بلادكم وتتركونا والرجل في بلادنا ، ولا طاقه لنا به ، فلسنا بالذي نقاتل معكم حتى تعطونا رهائن من وجوه رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمدا . فلما انصرف بذلك القوم إلى أبي سفيان وعيينة علما أن الامر ما قاله نعيم بن مسعود ، وأبوا أن يدفعوا إليهم أحدا . وقالت بنو قريظة هذا مصداق قول نعيم بن مسعود ولزموا معاقلهم ، واستوحش بعض القوم من بعض وتنافرت قلوبهم ولم يجد الأحزاب إلا الرحيل إلى بلادهم ، فرحلوا ، وافترقوا . وانصرف رسول الله صلوات الله عليه وآله على بني قريظة ، فقتلهم وسبى ذراريهم ، وكان ذلك بصنع الله لرسوله صلوات الله عليه وآله وللمسلمين وبما أجراه الله على يدي وليه علي صلوات الله عليه وكان مقامه ذلك من أشهر المقامات وأفضلها . ( 282 ) أبو هارون العبدي عن ربيعة السعدي ، قال : أتيت حذيفة بن
[1] هكذا في نسخة - ب - وفي الأصل : يبحثون ذلك . [2] هكذا في نسخة - ب - وفي الأصل : سنرنبتكم .