قال : إنكم قد فعلتم فعلا لم تحسنوا النظر فيه لأنفسكم ، نقضتم حلف محمد وصرتم مع قريش وغطفان ، ولستم كمثلهم ، إن قريشا وغطفان إنما جاؤوا لحرب محمد وأصحابه على ظهور دوابهم فإن أصابوا منه ما أرادوا وإلا انصرفوا عنه ، وتركوكم معه ، وأنتم تعلمون أنه لا طاقه لكم به وبأصحابه إن خلا بكم ، وقد تداخل أصحابنا الفشل والاختلاف وطال مقامهم وخفت أزوادهم ، وكان من أمر ابن عبد ود وأصحابه ما قد عرفتم وإنما كان المعتمد عليهم والنظر إلى ما يكون منهم عند اقتحامهم الخندق ، فإذا قد كان من ذلك ما كان فقد تداخل اليأس قلوب الناس وأكثر ما يقيمون أياما قليلة فإن رأوا فرصة أصابوها ، وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وتركوكم ! ! قالوا : لقد صدقت ونصحت فيما قلت ، فجزاك الله خيرا . فما الحيلة بعد هذا ؟ ؟ قال : الحيلة ألا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهائن من أشرافهم يكونون بأيديكم ثقة لكم أن لا ينصرفوا عنكم ويدعوكم . قالوا : لقد أشرت بالرأي ، فأحسن الله عنا جزاك . ثم أتى عيينة بن حصن وأبا سفيان ، فقال : إن بني قريظة بيني وبينهم ما قد علمتم ، وقد بت عندهم فاطلعت منهم على سر خشيت منه علينا ! . قالوا : وما هو ؟ ؟ قال : إن القوم قد ندموا على ما نقضوا من حلف محمد لما رأوا مقامنا ولم نصنع شيئا ، ونظروا إلى ما كان من أمر عمرو بن عبد ود وأصحابه ، وخافوا أن ننصرف عنهم فيطؤهم محمد ، فأرسلوا إليه يرغبون في سلمه ويذكرون ندامتهم على ما كان منهم . وقالوا : نحن نرضيك بأن نأخذ من القبيلتين رجالا من أشرافهم ، فنسلمهم إليك ، فتضرب أعناقهم أو تفعل فيهم ما رأيت ، ثم نكون معك على من بقي منهم ، فإياكما أن يخدعكما يهود أو أن يظفروا بأحد منكم .