responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سنن النبي ( ص ) ( مع ملحقات ) نویسنده : السيد الطباطبائي    جلد : 1  صفحه : 12


وقد جاء في الخطبة التي مضى بعضها عن علي ( عليه السلام ) أنه يقول : فتأس بنبيك الأطيب الأطهر ( صلى الله عليه وآله ) ، فإن فيه أسوة لمن تأسى ، وعزاء لمن تعزى . وأحب العباد إلى الله المتأسي بنبيه والمقتص لأثره . قضم الدنيا قضما ولم يعرها طرفا ، أهضم أهل الدنيا كشحا ، وأخمصهم من الدنيا بطنا ، عرضت عليه الدنيا فأبي أن يقبلها ، وعلم أن الله سبحانه أبغض شيئا فأبغضه ، وحقر شيئا فحقره ، وصغر شيئا فصغره .
ولو لم يكن فينا إلا حبنا ما أبغض الله ورسوله ، وتعظيمنا ما صغر الله ورسوله ، لكفى به شقاقا لله ومحادة عن أمر الله . ولقد كان ( صلى الله عليه وآله ) يأكل على الأرض ، ويجلس جلسة العبد ، ويخصف بيده نعله ، ويرقع بيده ثوبه ، ويركب الحمار العاري ، ويردف خلفه . ويكون الستر على باب بيته فتكون فيه التصاوير فيقول : " يا فلانة - لإحدى أزواجه - غيبيه عني فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها " . فأعرض عن الدنيا بقلبه ، وأمات ذكرها من نفسه ، وأحب أن تغيب زينتها عن عينه ، لكي لا يتخذ منها رياشا ، ولا يعتقدها قرارا ، ولا يرجو فيها مقاما ، فأخرجها من النفس ، وأشخصها عن القلب ، وغيبها عن البصر ، وكذلك من أبغض شيئا أبغض أن ينظر إليه وأن يذكر عنده .
ولقد كان في رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما يدلك على مساوئ الدنيا وعيوبها ، إذ جاع فيها مع خاصته ، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته . فلينظر ناظر بعقله ، أكرم الله محمدا بذلك أم أهانه ؟ ! فإن قال : أهانه فقد كذب - والله العظيم - بالإفك العظيم ، وإن قال : أكرمه فليعلم أن الله قد أهان غيره حيث بسط الدنيا له ، وزواها عن أقرب الناس منه . فتأسى متأس بنبيه واقتص أثره ، وولج مولجه ، وإلا فلا يأمن الهلكة ، فإن الله جعل محمدا ( صلى الله عليه وآله ) علما للساعة ، ومبشرا بالجنة ، ومنذرا بالعقوبة ، خرج من الدنيا خميصا ، وورد الآخرة سليما ، لم يضع حجرا على حجر حتى مضى لسبيله وأجاب داعي ربه . فما أعظم منة الله عندنا حين أنعم علينا به سلفا نتبعه وقائدا نطأ عقبه ! والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها ، ولقد قال لي قائل : ألا تنبذها عنك ؟ ! فقلت : اغرب عني ، فعند الصباح يحمد القوم

نام کتاب : سنن النبي ( ص ) ( مع ملحقات ) نویسنده : السيد الطباطبائي    جلد : 1  صفحه : 12
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست