أصلٌ في الإسناد العالي والنازل قال بعض العلماء : إنّ الإسناد من خواصّ هذه الأُمّة ( 1 ) . واعلم أنّ طلب العُلُوّ فيه سُنّةٌ مؤكّدةٌ ، وهو ممّا عظمت رغبةُ المتقدّمين والمتأخّرين فيه ؛ لأنّه أقلُّ كلفةً وأبعدُ عن الخطأ وأقربُ إلى الصحّة ، لأنّه إذا طالَ السندُ كَثُرَتْ مظانّ التحذير ، وإذا قلّ قلّت . وقد يتّفق في النزول مزيّةٌ ليست في العلوّ ، كأن يكون راويه أوثقَ أو أحفظَ ، أو الاتّصالُ فيه أظهرَ للتصريح فيه باللقاء ، واشتمال العالي على ما يحتمل فيه اللقاء وعدمه ك " عن فلان " ، فيكون النزول أولى . والعلوّ أقسام : أجلّها : القُربُ من المعصوم بإسناد صحيح نظيف . الثاني : القُربُ إلى إمام من أئمّة الحديث وإن بَعُدَ بعد ذلك ( 2 ) . الثالث : العُلُوّ بالنسبة إلى رواية أحد الأُصول الخمسة أو غيرها من الأُصول المُعتبرة . وقد اعتنى به المتقدّمون والمتأخّرون . وهو : إمّا بالمُوافقة ، أو الإبدال ، أو المُساواة ، أو المصافحة . فالموافقة : أن يقع لك حديثٌ عن شيخ محمّد بن يعقوب مثلا بطريق من غير جهته ، بعدد أقلّ من عددك إذا رويتَه عن محمّد بن يعقوب عنه . وأمّا البَدَل : فهو أن يقع هذا العلوّ عن مثل شيخ محمّد بن يعقوب ، وهو في الحقيقة مُوافقةٌ بالنسبة إلى شيخ شيخ محمّد .
1 . قاله ابن الصلاح في مقدّمته : 155 ؛ وحكاه عن ابن حزم في تدريب الراوي 2 : 159 . 2 . في الهامش : " أي وإن بَعُدَ من هذا الإمام إلى المعصوم . ( منه ) " .