وكان قد خصّص قومٌ الإجازة بعبارات لم يسلموا فيها من التدليس ، كقولهم في الإجازة : " أخبرنا - أو حدّثنا - مُشافهة " إذا كانَ قد شافَهه بالإجازة لفظاً ، وكعبارة مَنْ يقول : " أخبرنا فلان كتابةً " أو : " في ما كَتَبَ إليَّ " إذا كان قد أجازه بخطّه . وهذا ونحوه لا يخلو عن التدليس ؛ لما فيه من الاشتراك والاشتباه بما هو أعلى منه ، كما إذا كَتَبَ إليه ذلك الحديثَ نفسَه . ( و ) لأجل السلامة من ذلك ( خَصّ بعضُهم الإجازة شفاهاً ب " أنبأني " و ) ما كتبَ إليه المحدّثُ من بلده ( كتابةً ) ولم يُشافهه بالإجازة ( ب " كَتَبَ إليَّ ) فلان كذا " ( 1 ) . ( وبعضُهم استعمل في الإجازة ) الواقعة في رواية مَنْ ( فوقَ الشيخ ) المستمع بكلمة ( " عن " ) ، فيقولُ أحدهم إذا سمع على شيخ بإجازته عن شيخه : " قرأتُ على فلان عن فلان " ( 2 ) ؛ ليتميّز عن السَماع الصريح ، وإن كان " عن " مشتركاً بين السَماع والإجازة . ( و ) اعلم أنّه ( لا يزولُ المنعُ من ) إطلاق ( " أخبرنا " و " حدّثنا " ) في الإجازة ( بإباحة المُجيز ) لذلك ، كما اعتاده قومٌ من المشايخ من قولهم في إجازاتهم لمن يُجيزون له : " إن شاءَ قالَ : حدّثنا " و " إن شاء قالَ : أخبرنا " ؛ لأنّ الإجازة إذا لم تدلَّ على ذلك لم يُفِدْه إذْنُ المُجيز . ( وخامسها : الكتابة ؛ وهي أن يكتب ) الشيخُ ( مرويّه لغائب أو حاضر بخطّه ، أو يأذَن ) لثقة يعرف خطَّه ( بِكَتْبه له ) أو مجهول ، ويكتب الشيخُ بعده ما يدلّ على أمره بكتابته . ( وهي أيضاً ضربان ) : أحدهما : أن تقعَ ( مقرونةً بالإجازة ) بأن يكتبَ إليه ويقول : " أجزتُ لك ما كتبتُه لك " أو " كتبت به إليك " ونحو ذلك من عبارات الإجازة .
1 . هو الحاكم النيسابوري في معرفة علوم الحديث : 260 ؛ وحكاه عنه في مقدّمة ابن الصلاح : 114 - 115 . 2 . حكاه في مقدّمة ابن الصلاح : 115 .