وقد يتّفق في بعض الرواة أن يكرّر في تزكيتهم لفظة " الثقة " ( 1 ) ، وهو يدلّ على زيادة المدح . وكذلك قوله : هو ( حُجّةٌ ) أي ممّا يُحتجّ بحديثه . وفي إطلاق اسم المصدر عليه مبالغةٌ ظاهرةٌ في الثناء عليه بالثقة . والاحتجاجُ بالحديث وإنْ كانَ أعمَّ من الصحيح - كما يتّفق بالحسن والموثّق بل بالضعيف على ما سبق تفصيلُه - لكنّ الاستعمالَ العرفي لأهل هذا الشأن لهذه اللفظة يدلّ على ما هو أخصّ من ذلك ؛ وهو التعديل وزيادة . نعم ، لو قيل : " يُحتجُّ بحديثه " ونحوه ، لم يدلّ على التعديل ؛ لما ذكرناه . بخلاف إطلاق هذه اللفظة على نفس الراوي بدلالة العُرف الخاصّ . وكذا قوله : هو ( صحيحُ الحديث ) فإنّه يقتضي كونه ثقةً ضابطاً ؛ ففيه زيادةُ تزكية . ( وما أدّى معناه ) من الألفاظ الدالّة على التعديل . ( أمّا ) قولُه : ( مُتقِنٌ ، ثَبْتٌ ، حافِظٌ ) ، ضابطٌ ، ( يُحتجُّ بحديثه ، صَدُوقٌ ) مبالغة في " صادق " ، ( مَحلُّه الصدق ) بالخبريّة أو الإضافة على التوسّع ، ( يُكْتَبُ حديثُه ، يُنظر فيه ) أي في حديثه ؛ بمعنى أنّه لا يطرح بل يُنظر فيه ويُختبر حتّى يُعرف حاله ، فلعلّه يُقبل . ( لا بأس به ) ؛ بمعنى أنّه ليس بظاهر الضعف . وقد اتّفق هذا الوصف لجماعة ؛ منهم : أحمد بن أبي عوف البخاري ، وابنه محمّد . وذكرهما العلاّمة في قسم مَنْ يُعتمد على روايته . ( شيخٌ ، جليلٌ ، صالحُ الحديث ، مشكورٌ ، خَيّرٌ ) . ( فاضلٌ ) اتّفق هذا الوصفُ لجماعة ؛ كإبراهيم بن أبي الكرّام ، وإلياس الصيرفي ،
1 . في حاشية المخطوطة : " قلت : ذكر جماعة من أهل اللغة منهم ابن دريد في الجمهرة أنّ من جملة الإتْباع قولهم : " ثقة ثقة " . وعلى هذا يحتمل أن يكون ما وقع فيه الجمع بين هاتين الكلمتين جرى على طريق الاتباع لا التكرير ، ثمّ صحّف فاعتقد أنّه مكرر . وأوّل من جزم فيه بالتكرير ابن داود في كتابه ، وكلام السابقين عليه خال من التعرّض لبيان المراد منه . ( لابنه ( رحمه الله ) ) " .