الشهرة ( وإن ضَعُفَ الطريقُ ) ؛ فإنّ الطريقَ الضعيفَ قد يَثْبُتُ به الخبرُ مع اشتهار مضمونه ، ( كما تُعلم مذاهب الفرق ) الإسلاميّة - كقول أبي حنيفة ، والشافعي ، ومالك ، وأحمد - ( بإخبار أهلها ) مع الحكم بضعفهم عندنا ( وإنْ لم يَبْلغوا حدَّ التواتُر ) . وبهذا اعتُذِرَ للشيخ ( رحمه الله ) في عمله بالخبر الضعيف . ( وهذه حجّةُ مَنْ عمل بالموثّق أيضاً ) بطريق أولى . ( وفيه نظر ، يخرج تحريره عن وضع الرسالة ) فإنّها مبنيّةٌ على الاختصار . ووجهه على وجه الإيجاز : أنّا نمنع من كون هذه الشُهرة التي ادّعوها مؤثِّرةً في جَبْر الخبر الضعيف ؛ فإنّ هذا إنّما يتمّ لو كانت الشهرةُ متحقّقةً قبلَ زمن الشيخ ( رحمه الله ) ، والأمرُ ليس كذلك ؛ فإنّ مَنْ قَبْله من العلماء كانوا بينَ مانع مِن خبر الواحد مطلقاً - كالمرتضى والأكثر ، على ما نقله جماعةٌ - وبينَ جامع للأحاديث من غير التفات إلى تصحيح ما يَصحّ وردِّ ما يُردّ . وكان البحثُ عن الفتوى مجرّدةً لغير الفريقين قليلا جدّاً ، كما لا يخفى على من اطّلع على حالهم . فالعملُ بمضمون الخبر الضعيف قَبْلَ زمن الشيخ عن وجه يَجْبرُ ضعفَه ، ليس بمتحقّق ( 1 ) . ولمّا عملَ الشيخُ بمضمونه في كتبه الفقهية ، جاء مَنْ بعده من الفقهاء واتّبعهُ منهم عليها الأكثر تقليداً له ، إلاّ من شذّ منهم ، ولم يكن فيهم مَنْ يَسْبُرُ الأحاديث وينقّبُ على الأدلّة بنفسه ، سوى الشيخ المحقّق ابن إدريس وقد كان لا يُجيز العملَ بخبر الواحد مطلقاً ( 2 ) . فجاء المتأخّرون بعدَ ذلك ووجدوا الشيخَ ومَنْ تبعه قد عملوا بمضمون ذلك
1 . في حاشية المخطوطة : " قلتُ : في هذا الكلام نظر ظاهر ؛ فإنّ الشيخ صرّح في الفهرست بأنّ في الأخبار الضعيفة ما هو معتمد بين الطائفة ، وكذا الصدوق في من لا يحضره الفقيه . وهذا عذر واضح لهم في العمل بها وإن كان لا يجدينا نفعاً ؛ لما بيّنّاه من كثرة وقوع الخطاء في الاجتهاد ، وأنّ مبنى الأمر على الظنّ لا على القطع ، فالموافقة لهم على ما قالوه لا يسوغ . والله أعلم . ( لابنه ( رحمه الله ) ) " . 2 . السرائر 1 : 46 - 51 مقدّمة الكتاب .