( وأكثر ما ادّعي تواتره من هذا القبيل ) ؛ يَنظر مدّعي التواتُر إلى تحقّقه في زمانه ، أو هو وما قبله ، من غير استقصاء جميع الأزمنة ، ولو أنصف لوجد الأغلب خُلُوّ أوّل الأمر منه ، بل ربما صار الحديث الموضوع ابتداءً ؛ متواتراً بعد ذلك ، لكن شرط التواتر مفقود من جهة الابتداء . ونازع بعض المتأخّرين في ذلك ، وادّعى وجود المتواتر بكثرة ( 1 ) ، وهو غريب . ( نعم ، حديث : " مَنْ كذب عليَّ معتمِّداً فليتبوّأ مقعده من النار " ( 2 ) ) يمكن ادّعاء تواتُره ؛ فقد ( نقله ) عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( من الصحابة الجمّ الغفير ) أي الجمع الكثير ، ( قيل : ) الرواة منهم له ( أربعون ( 3 ) . وقيل : نَيّف ) بفتح النون وتشديد الياء مكسورة ، وقد تخفّف : ما زاد على العقد إلى أن يبلغ العقد الآخر ، والمراد هنا اثنان ( وستّون ) صحابيّاً ( 4 ) ، ( ولم يزل العدد ) الراوي لهذا الحديث ( في ازدياد ) . وظاهرٌ أنّ التواتُر يتحقّق بهذا العدد ، بل بما دونه . [ خبر الواحد وأقسامه ] ( وآحاد ؛ وهو ما لم ينتهِ إلى التواتر منه ) أي من الخبر ، سواء كان الراوي واحداً ، أم أكثر . ( ثمّ هو ) أي الخبر الواحد : ( مُسْتَفيضٌ إن زادت رواته عن ثلاثة ) في كلّ مرتبة ( أو ) زادت عن ( اثنين ) عند بعضهم . مأخوذ من فاض الماءُ يَفيض فيضاً . ( ويقال له : المشهور أيضاً ) حين تزيد رواته عن ثلاثة أو اثنين سُمّي بذلك لوضوحه .
1 . حكاه عن شيخ الإسلام السيوطي في تدريب الراوي 2 : 178 - 179 . 2 . الكافي 1 : 62 / 1 باب اختلاف الحديث ؛ من لا يحضره الفقيه 4 : 264 / 824 ؛ صحيح البخاري 1 : 52 - 53 / 107 - 110 ؛ صحيح مسلم 1 : 9 - 10 / 1 المقدّمة باب 2 . 3 . القائل هو أبو بكر البزّار ، حكاه عنه ابن الصلاح في مقدّمته : 162 ؛ والطيّبي في الخلاصة في أُصول الحديث : 35 . 4 . حكاه عن بعض الحفّاظ ابن الصلاح في مقدّمته : 162 ؛ والطيّبي في الخلاصة في أُصول الحديث : 35 .