تعريف المتواتر والآحاد والمستفيض والغريب والعزيز والمقبول والمردود والمشتبه
ثمّ الخبرُ مُنحصرٌ في الصدق والكذب في الأصحِّ ؛ لأنّه إن طابَقَ الواقعَ المحكيَّ فالأوّلُ ، وإلاّ فالثاني ، سواءٌ وافَقَ اعتقادَ المُخبِرِ أم لا ، وسواءٌ قصد الخبرَ أم لا . ثمّ قد يُعلم صِدقُه قطعاً : ضرورةً ، كالمتواتر ، وما عُلِمَ وجودُ مخبَرِه كذلك ، أو كَسْباً ، كخبر اللهِ تعالى ، والرسولِ ، والإمامِ ، والأُمّةِ ، والمتواتر معنىً ، والمحتفِّ بالقرائن ، وما عُلِمَ وجودُ مُخبَرِه بالنظر . وقد يُعلم كذبُه كذلك بالمقايسةِ . وقد يحتمل الأمرين ، كأكثرِ الأخبارِ . وينقسم - مطلقاً - إلى : متواتر ؛ وهو ما بَلَغَتْ رُواتُه في الكثرة مَبْلَغاً أحالَت العادةُ تواطُؤهم على الكذبِ ، واستمرَّ ذلك في الطبقاتِ حيث تتعدّد ، فيكون أوَّلُه كآخِره ، ووسطُه كَطَرَفَيْه . ولا يَنْحَصِرُ ذلك في عدد خاصٍّ . وشرطُ العِلم به : انتفاؤه اضطراراً عن السامعِ ، وأن لا تَسْبِق شُبهة إلى السامعِ أو تقليدٌ ينافي موجبَ خَبَرِه ، واستنادُ المُخْبِرين إلى إحساس . وهو متَحَقِّقٌ في أُصولِ الشرائعِ كثيراً ، وقليلٌ في الأحاديث الخاصّةِ وإن تَواتر مدلولُها ، حتّى قيل : مَن سُئل عن إبرازِ مثال لذلك أعياه طلبُه . وحديثُ : " إنّما الأعمالُ بالنيّاتِ " ليس منه وإن نقله عددُ التواترِ وأكثرُ ؛ لأنّ ذلك طَرَأ في وَسَطِ إسناده . وأكثرُ ما ادّعي تواترُه من هذا القبيلِ . نعم ، حديثُ : " مَن كذب عليّ متعمّداً فَلْيَتَبَوّأ مقعدَه من النارِ " نَقَلَه مِن الصَحابَة الجمُّ الغفيرُ ؛ قيل : أربعون ، وقيل : نَيِّفٌ وستّون ، ولم يَزَل العددُ في ازدياد . وآحاد ؛ وهو ما لم يَنْتَهِ إلى المتواترِ منه . ثمّ هو مستفيضٌ إن زادَتْ رُواتُه عن ثلاثة ، أو اثنين . ويقال له : المشهور أيضاً . وقد يُغايَر بينهما . وغريبٌ إن انفردَ به واحدٌ . وغيرُهما ، وهو ما عدا ذلك . فمنه العزيزُ ، ومنه المقبولُ ، والمردودُ ، والمُشْتَبَهُ .