ما يُرْسِلُه محمّدُ بنُ أبي عُمَير وصفوانُ بنُ يحيى والبَزَنْطيُّ ، وبينَ ما يُسْنِدُهُ غيرُهم . الرابع : لا شُبهة عندنا في تقديم الصحيح على الحَسَنِ والمُوَثَّقِ عند التعارض إذا لم يمكن تأويلُهما ، وأمّا إذا أمكنَ تأويلُهما أو حَمْلُهما على بعض الوُجُوه ، فإنّه يجبُ عند مَنْ يعملُ بهما ، ويُرَجّحُ ذلك على طرحِهما بالكُلِّيّة ، بل قد رأينا الشيخَ الطوسيّ ( رحمه الله ) في مواضع متعدّدة يؤوِّل الصحيحَ ويعملُ بالحَسَن أو المُوثَّق عندَ التعارُض ؛ لنوع من الاعتبار أو مُساعدة بعض الأدلّة . وأمّا إذا لم يُعارضهما صحيحٌ ، فقد قَبِلهما جماعةٌ من عُلمائنا واحتجّوا بهما ، كالشيخ ومَنْ نَهَجَ مَنْهَجَه ، سيّما إذا عَضَدَ أحدَهما روايةٌ أُخرى أو دليلٌ آخَرُ : أمّا الحَسَنُ : فلأنّه يُثيرُ ظنّاً راجِحاً قريباً ممّا يُثيرُه الصحيحُ ، بل بعضُه لا يكادُ يقصرُ عنه ، كما يرويه إبراهيمُ بن هاشم ونحوه . وأمّا المُوثَّقُ : فلأنّ نقل المَذْهب قد يُعلمُ بالفسّاق فضلا عن المُوثّقين ، كما يعلمُ أنّ مذهبَ الشافعيّ كذا وإن لم ينقله عنه عدلٌ ، ولقول الصادق ( عليه السلام ) : " إذا نَزَلَتْ بِكُمْ حادِثَةٌ لا تَجِدُون حُكْمَها في ما يُرْوى عنّا فانْظُرُوا إلى ما رَوَوْهُ عن عليّ ( عليه السلام ) فاعْمَلُوا بِهِ " ( 1 ) . وقد عَمِلَت الطائفةُ بأخبار الفَطَحِيّة مثل عبد الله بن بُكَيْر ، والواقِفة مثل سماعة ، وعليّ بن أبي حمَزة ، وعثمان بن عيسى ، وبني فَضّال ، والطاطَرِيّين وغيرِهم ، في ما لم يكن عندهَم فيه خلافُهُ . وقد يحتجّ للعمل به وبالحَسَن : أنّ المانعَ من العمل بخبر الفاسق فِسْقُهُ ؛ للآية ( 2 ) ، فإذا لم يُعلم الفسقُ لم يجب التَثَبُّتُ ، كما في خبر المَجهول ، فكيفَ المُوَثَّقُ أو المَمْدُوحُ ؟ ! وبهذا احتجَّ مَنْ قَبِلَ المراسيلَ .
1 . أخرجه الشيخ الطوسي في عدّة الأُصول 1 : 149 . 2 . سورة الحجرات ( 49 ) : 6 .