أَصْل [ 3 ] في معرفة الاعتبار بالمُتابَعات والشَواهِد وهو عبارةٌ عن النَظَر في الحديث : هلْ تَفَرَّدَ به راويْهِ أمْ لا ؟ وهو " اعتبار المُتابَعة " . وهلْ جاء في الأحاديث ما يُوافِقُه معنىً أمْ لا ؟ وهو " اعتبار الشاهِد " . وهو نوعٌ من أنواع التراجيح ، لم يبحث عنه الأُصوليّون ، وجرتْ عادةُ أصحاب الحديث بالبحث عنه ، وهو أمرٌ مهمٌّ يَتَعَرَّفُ به الفُقهاءُ والمُحدِّثُون أحوالَ الحديث ، ويكثرُ بحثهم عنه واعتناؤُهم به . مثال الأوّل : أنْ يرويَ عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمان بن أبي نَجْران ، عن عاصم بن حُمَيْد ، عن محمّد بن قيس - حديثاً عن أبي جعفر ( عليه السلام ) . فيعتبرُ الناظِرُ : هلْ روى هذا الحديثَ ثِقةٌ آخَرُ غيرُ عليٍّ عن أبيه ؟ فإنْ لم يُوجَدْ ، فثِقةٌ غيرُ أبيه عن عبد الرحمان ؟ فإنْ لم يُوجَد ، فثِقةٌ غيرُ عبد الرحمان عن عاصم ؟ فإنْ لم يُوجَد ، فثِقةٌ غيرُ عاصم عن محمّد بن قيس ؟ فإنْ لمن يُوجَد ، فثِقةٌ غيرُ محمّد عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ؟ فأيُّ ذلك وُجِدَ كان مُتابَعةً ، وازدادَ الحديثُ به قُوَّةً واعتباراً ؛ لأنّ ذلك يُثيرُ الظنَّ أنّ له أصلا يرجعُ إليه . والمُتابَعةُ التامّةُ : أنْ يرويَه غيرُ عليٍّ عن أبيه ، وغيرُ أبيه عن عبد الرحمان ، وهكذا إلى آخر السند . وإذا رواه غيرُ أبيه ، أو غيرُ عبد الرحمان ، أو غيرُ عاصم ، أو غيرُ محمّد ، سُمّيَ كلُّ واحد من هذه الكيفيّات " مُتابعةً ناقصةً " تقصُرُ عن الأُولى بِقَدر بُعْدِها عنها . وقد يُطلق على المُتابَعة - تامّةً كانتْ أو ناقصةً - اسمُ الشاهِد أيضاً . ومثالُ الشاهد : أنْ يرويَ غيرُ هؤلاء حديثاً آخَرَ عن أبي جعفر أو غيره من