كلّ ذلك في الجمع بين الصحيحين . ومنه : أيضاً من مسند أبي الدرداء في الحديث الأوّل من صحيح البخاري : قالت أُمّ الدرداء : دخل عليَّ أبو الدرداء وهو مُغْضَبٌ ، فقلتُ : ما أغضبكَ ؟ فقال : والله ما أعرفُ من أمر أُمّة محمّد شيئاً إلاّ أنّهم يصلّونَ جميعاً ! ( 1 ) وروى البغوي في كتاب المصابيح - في حديث طويل - في صفة الحوض ، قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " أنا فَرَطكم على الحوض ، ومن مرّ عليَّ شَرِبَ ، ومن شَرِبَ لم يظمأْ أبداً ، ولَيَرِدَنّ عليّ أقوامٌ أعرفُهُم ويعرفُونني ، ثمّ يُحال بيني وبينهم ، فأقول : إنّهم أُمّتي ! فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ! ! فأقول : سُحقاً سُحقاً لمن غيّرَ بعدي " ( 2 ) . وقد رووا في صحاحهم من شكوى النبيّ منهم ومن مخالفتهم له أشياءَ كثيرةً لو عدّدناها لطال . وأمّا شكوى عليّ ( عليه السلام ) وتظلّمه من الثلاثة الأُوَل فهو أوضحُ من الشمس ، قد نقله كلُّ الطوائف ، ونهج البلاغة مشحونٌ به ، كقوله : " أما والله لقد تقمّصها أخو تيم وهو يعلم أنّ محلّي منها محلّ القُطْبِ من الرحى " ( 3 ) . وقوله : " وطفقتُ أرْتَئي بينَ أنْ أصُولَ بيد جذّاء أو أصبرَ على طخْية عَمْياء " . وقوله : " أرى تُراثيَ نَهْباً ، حتّى إذا مضى الأوّلُ لسبيله عَقَدَها لأخي عَدِيٍّ بعدَهُ ، فواعَجَباً ! بَيْنا هُوَ يستقيْلُها في حياته إذْ عَقَدَها لآخَرَ بعدَ وفاته ! ! " ( 4 ) . ونحو ذلك ممّا هو كثيرٌ وصريحٌ بالتظلّم . ومن المحال ادّعاؤهُ الكذبَ بعدَهم ، وقد وصلتْ إليه ؛ حيثُ إنّ البارئ طهّرهُ ،
1 . صحيح البخاري 1 : 90 . 2 . المصابيح للبغوي 3 : 537 ، ح 4315 . 3 . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 : 151 . 4 . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 : 162 .