وهو غلطٌ ؛ فإنّ القائل بهذا النوع دونَ الوجادة متحقّقٌ . ووجّهوه : بأنّ في دفع الكتابِ إليه نوعاً من الإذن ، وشَبَهاً من العَرْض والمُناولةِ . وروى ابن حمّاد بن يزيدَ عن أيّوب السختياني ، قال : قلتُ لمحمّد بن سيرين : إنّ فلاناً أوصى إليَّ بكتُبه ، أفأُحدّثُ عنه ؟ قال : نعم . قال حمّاد : وكان أبو قُلابة يقول : اِدفعوا كُتبي إلى أيّوب إن كان حيّاً ، وإلاّ فاحرِقوها ( 1 ) . ( وسابعها : الوِجادة ) بكسر الواو ( وهي مصدر " وَجَدَ يَجدُ " ، مولَّدٌ ) من غير العرب ، ( غيرُ مسموع ) من العرب الموثوق بعربيّتهم ، وإنّما ولّده العلماءُ بلفظ الوِجادة لما أُخذَ من العلم من صحيفة ، من غير سَماع ولا إجازة ولا مناولة ؛ حيثُ وجَدوا العرب قد فرّقوا بين مصادر " وَجَدَ " للتمييز بينَ المعاني المختلفة ؛ فإنّهم قالوا : " وَجَدَ ضالّته وِجْداناً " بكسر الواو ، و " إجداناً " بالهمزة المكسورة ، و " وَجَدَ مطلوبَه وجُوداً " ، وفي الغضب : " مَوْجِدَةً " و " وجدَةً " ، وفي الغنى : " وجْداً " مثلّث الواو ، وقُرئَ بالثلاثة في قوله تعالى : ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ ) ( 2 ) ، وفي الحُبِّ : " وَجْداً " . فلمّا رأى المولِّدون مصادِر هذا الفعل مختلفةً بسبب اختلافِ المعاني ، ولّدوا لهذا المعنى " الوِجادة " للتمييز . ( وهو ) أي هذا النوع من أخْذِ الحديث ونقلِه ( أنْ يَجِدَ ) إنسانٌ كتاباً أو حديثاً ( مرويَّ إنسان بخطّه ) ، معاصر له أو غير معاصر ، ولم يسمعه منه هذا الواجِدُ ، ولا له منه إجازةٌ ، ولا نحوها ، ( فيقولُ : " وَجَدْتُ " ) أو : " قرأتُ ( بخطّ فلان " ) أو : " في كتاب فلان بخطّه : حدّثنا فلان " ، ويسوق باقي الإسناد والمتن ، أو يقول : " وجدتُ بخطّ فلان
1 . رواه السخاوي في فتح المغيث 3 : 18 . 2 . سورة الطلاق ( 65 ) : 6 .