( وقيل : ) العَرضُ ( أعلى ) من السَماعِ من لفظ الشيخ ( 1 ) . وما وقفتُ لهؤلاء على دليل مُقنع إلاّ ملاحظة الأدبِ مع الشيخِ في عدم تكليفه القراءةَ التي هي بصورة أن يكون تلميذاً لا شيخاً . ( والعبارة عن هذه الطريق ) أن يقول الراوي - إنْ أراد روايةَ ذلك - : ( " قرأتُ على فلان " أو " قُرئ عليه وأنا أسمع ؛ فأقرّ ) الشيخُ ( بهِ " ) أي لم يكتفِ بالقراءةِ عليه ، ولا بعدم إنكارِه ، ولا بإشارته ، بل تلفّظَ بما يقتضي الإقرار بكونه مَرْوِيَّه . وهذان أعلى عباراتِ هذه الطريقِ ؛ لدَلالتِهما على الواقع صريحاً ، وعدمِ احتمالهما غيرَ المطلوب . ( ثُمَّ ) بعدهما في المرتبة أن يقول : ( " حدّثنا " و " أخبرنا " مقيَّدَيْن ب ) قوله : ( " قراءةً عليه " ونحوه ) من الألفاظ الدالّة عليه ، ( أو مُطْلَقَيْن ) عن قوله : " قراءةً عليه " ( على قول ) بعض المحدّثين ( 2 ) ؛ لأنّ إقرارَه به قائمٌ مقامَ التحديثِ والإخبار ؛ ومِن ثَمَّ جازا مقترنَيْن بالقراءة عليه . وقيل : لا يسوغُ هُنا الإطلاق ( 3 ) ؛ لأنّ الشيخَ لم يحدّث ولم يُخْبر وإنْ أقرّ ، وإنّما سمع الحديث ، ولا يلزم من جوازهما مقترنَين جوازُهما مُطْلَقْين ؛ لأنّ الألفاظ المستعملةَ على وجه المجاز تقترن بغيرها من القرائنِ الدالّةِ عليها ، ولا تُطلق كذلك مقيّدة لمعناها . ( وفي ) قول ( ثالث : يجوز إطلاق الثاني ) وهو " أخبرنا " ( دون الأوّل ) وهو " حدّثنا " ( 4 ) ؛ لقوّة إشعاره بالنُطْق والمشافَهة ، دونَ " أخبرنا " فإنّه يتجوّز بها في غيرِ النُطق
1 . حكاه عن أبي حنيفة ومالك الطيبي في الخلاصة في أُصول الحديث : 102 . ولمعرفة الأقوال والقائلين بها راجع فتح المغيث 2 : 170 - 173 . 2 . حكاه الطيّبي في الخلاصة في أُصول الحديث : 102 عن الزهري ومالك وسفيان بن عيينة ، وقال : " وهو مذهب البخاري " . وانظر فتح المغيث للسخاوي 2 : 176 - 177 . 3 . حكاه عن ابن المبارك وأحمد بن حنبل والنسائي وغيرهم : الطيّبي في الخلاصة في أُصول الحديث : 102 ؛ والسخاوي في فتح المغيث 2 : 176 . 4 . حكاه عن الشافعي وأصحابه ومسلم وجمهور أهل المشرق : الطيّبي في الخلاصة في أُصول الحديث : 102 ؛ والسخاوي في فتح المغيث 2 : 178 - 179 .