شئت ، فقال : موعدكم العقبة ، في الليلة الوسطى من ليالي التشريق . فلما حجوا رجعوا إلى منى ، وكان فيهم ممن قد أسلم بشر كثير ، وكان أكثرهم مشركين على دينهم ، وعبد الله بن أبي فيهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله في اليوم الثاني من أيام التشريق [1] : فاحضروا دار عبد المطلب على العقبة ، ولا تنبهوا نائما ، وليتسلل [2] واحد فواحد . وكان رسول الله صلى الله عليه وآله نازلا في دار عبد المطلب ، وحمزة وعلي والعباس معه ، فجاءه سبعون رجلا من الأوس والخزرج ، فدخلوا الدار ، فلما اجتمعوا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله : تمنعون لي جانبي ، حتى أتلو عليكم كتاب ربي ، وثوابكم على الله الجنة ؟ فقال أسعد بن زرارة ، والبراء بن معرور [3] ، وعبد الله بن حرام [4] : نعم يا رسول الله فاشترط لنفسك ولربك ، فقال رسول الله : تمنعوني مما تمنعون أنفسكم ، وتمنعون أهلي مما تمنعون أهليكم وأولادكم ؟ قالوا : فما لنا على ذلك ؟ قال : الجنة ، تملكون بها العرب في الدنيا ، وتدين لكم العجم ، وتكونون ملوكا ، فقالوا : قد رضينا . فقام العباس بن نضلة [5] وكان من الأوس فقال : يا معشر الأوس
[1] أيام التشريق : أيام منى وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بعد يوم النحر . واختلف في وجه التسمية فقيل : سميت بذلك من تشريق اللحم وهو تقديده وبسطه في الشمس ليجف . وقيل : سميت بذلك لان الهدي والضحايا لا تنحر حتى تشرق الشمس - أي تطلع - . [2] التسلل : الانطلاق والخروج في استخفاء ، ومنه قوله تعالى : ( يتسللوا منكم لواذا ) أي يخرجون من الجماعة واحدا واحدا . [3] البراء بن معرور : بن صخر الخزرجي كان أحد النقباء الاثني عشر من الأنصار ، وكان أول من مات منهم ، توفي قبل الهجرة بشهر واحد . [4] عبد الله بن حرام : عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة ، أبو جابر الأنصاري الخزرجي السلمي : صحابي ، من أجلائهم ، كان أحد النقباء الاثني عشر ، وشهد العقبة مع السبعين من الأنصار ، وبدرا ، واستشهد يوم أحد سنة ( 3 ) . [5] العباس بن عبادة بن نضلة بن مالك الأنصاري الأوسي قتل يوم أحد شهيدا سنة ( 3 ) .