وأتاهم سعد بن معاذ ، فقرأ عليه مصعب ( حم تنزيل من الرحمن الرحيم ) [1] فلما سمعها ، قال مصعب : والله لقد رأينا الاسلام في وجهه قبل أن يتكلم فبعث إلى منزله ، وأتى بثوبين طاهرين ، واغتسل ، وشهد الشهادتين ، وصلى ركعتين . ثم قام ، وأخذ بيد مصعب ، وحوله إليه ، وقال : أظهر أمرك ، ولا تهابن أحدا ، ثم جاء ، فوقف في بني عمرو بن عوف ، وصاح : يا بني عمرو بن عوف ، لا يبقين رجل ، ولا امرأة ، ولا بكر ، ولا ذات بعل ، ولا شيخ ، ولا صبي ، إلا أن يخرج ، فليس هذا يوم ستر ، ولا حجاب ، فلما اجتمعوا قال : كيف حالي عندكم ؟ قالوا : أنت سيدنا ، والمطاع فينا ، لا نرد لك أمرا ، فمرنا بما شئت ، فقال : كلام رجالكم ونسائكم وصبيانكم علي حرام ، حتى تشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فالحمد لله الذي أكرمنا بذلك ، وهو الذي كانت اليهود تخبرنا به ، فما بقي دار من دور بني عمرو بن عوف في ذلك اليوم إلا وفيها مسلم أو مسلمة . وحول مصعب بن عمير إليه ، وقال له : أظهر أمرك ، وادع الناس علانية ، وشاع الاسلام بالمدينة ، وكثر ، ودخل فيه من البطنين أشرافهم ، وذلك لما كان عندهم من أخبار اليهود . وبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله أن الأوس والخزرج قد دخلوا في الاسلام ، وكتب إليه مصعب بذلك . وكان كل من دخل في الاسلام من قريش ضربه قومه وعذبوه ، فكان رسول الله يأمرهم أن يخرجوا إلى المدينة ، فكانوا يتسللون رجلا فرجلا ، فيصيرون إلى المدينة ، فينزلهم الأوس والخزرج عليهم ، ويواسونهم . قال : فلما قدمت الأوس والخزرج مكة ، جاءهم رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال لهم : تمنعون لي جانبي ، حتى أتلو عليكم كتاب ربكم ، وثوابكم على الله الجنة ؟ قالوا : نعم يا رسول الله ، فخذ لنفسك ولربك ما