ويبيعون ، ثم لا يجسر أحد منهم أن يخرج إلى الموسم الثاني ، فأصابهم الجهد وجاعوا ، وبعثت قريش إلى أبي طالب : ادفع إلينا محمدا حتى نقتله ونملكك علينا فقال أبو طالب رضي الله عنه : قصيدته الطويلة اللامية التي يقول فيها . فلما رأيت القوم لا ود فيهم * وقد قطعوا كل العرى والوسائل ألم تعلموا أن ابننا لا مكذب * لدينا ، ولا يعبأ بقول الا باطل وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى ، عصمة للأرامل يطوف به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل كذبتم وبيت الله نبزي [1] محمدا * ولما نطاعن دونه ونقاتل ونسلمه حتى نصرع دونه * ونذهل عن أبنائنا والحلائل لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد * وأحببته حب الحبيب المواصل وجدت بنفسي دونه وحميته * ودرأت عنه بالذرى [2] والكلاكل [3] فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها * وشينا لمن عادى ، وزين المحافل حليما ، رشيدا ، حازما ، غير طائش * يوالي إله الحق ليس بما حل فأيده رب العباد بنصره * وأظهر دينا حقه غير باطل فلما سمعوا هذه القصيدة أيسوا منه ، وكان أبو العاص بن الربيع [4] ، وهو ختن [5] رسول الله ، يجئ بالعير [6] بالليل ، عليها البر والتمر إلى باب الشعب ، ثم يصيح بها ، فتدخل الشعب ، فيأكلها بنو هاشم ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لقد صاهرنا أبو العاص ، فأحمدنا صهره ، لقد كان
[1] نبزي فلانا : نقهره ونقوى عليه . [2] الذرى ( بفتح الذال المعجمة ) : الملجأ وكل ما يستتر به . [3] الكلاكل ( بفتح الكاف الأولى وكسر الثانية ) : جمع الكلكلة وهي الصدر أو ما بين الترقوتين . [4] أبو العاص بن الربيع : بن عبد العزى كان زوج بنت النبي - زينب - أسر يوم بدر وأسلم بعد ست سنين ورد عليه النبي زينب بنكاح جديد . [5] الختن ( بفتح الخاء المعجمة والتاء ) : كل قريب بالمرأة كالأب والأخ وزوج البنت وهو المراد هنا . [6] العير ( بفتح العين وسكون الياء ) : الحمار الأهلي أو الوحشي .