وعقبة بن أبي معيط [1] ، يخرجون إلى الطرقات التي تدخل مكة ، فمن رأوه معه ميرة [2] نهوه أن يبيع من بني هاشم شيئا ، ويحذرونه إن باع شيئا أن ينهبوا ماله ، وكانت خديجة لها مال كثير ، فأنفقته على رسول الله صلى الله عليه وآله في الشعب ، ولم يدخل في حلف الصحيفة مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد المطلب بن عبد مناف [3] وقال : هذا ظلم . وختموا الصحيفة بأربعين خاتما ، ختمها كل رجل من رؤساء قريش بخاتمه ، وعلقوها في الكعبة ، وتابعهم أبو لهب [4] على ذلك ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج في كل موسم ، فيدور على قبائل العرب ، فيقول لهم : تمنعون لي جانبي حتى أتلو عليكم كتاب ربي ، وثوابكم على الله الجنة ، وأبو لهب في أثره ، فيقول : لا تقبلوا منه ، فإنه ابن أخي ، وهو ساحر كذاب . فلم يزل هذه حاله ، فبقوا في الشعب أربع سنين ، لا يأمنون إلا من موسم إلى موسم ، ولا يشترون ، ولا يبايعون إلا في الموسم [5] . وكان يقوم بمكة موسمان في كل سنة : موسم للعمرة في رجب ، وموسم للحج في ذي الحجة ، فكان إذا جاءت المواسم ، يخرج بنو هاشم من الشعب ، فيشترون
[1] عقبة بن أبي معيط : كان من مقدمي قريش وكان شديد الأذى للمسلمين فأسروه يوم بدر وقتلوه ثم صلبوه سنة [2] . ( 2 ) الميرة ( بكسر الميم وسكون الياء ) : الطعام الذي يدخره الانسان . [3] مطعم بن عدي : كان رئيس بني نوفل وقائدهم في حرب الفجار ، مات قبل بدر سنة ( 2 ) . [4] أبو لهب : عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم عم النبي صلى الله عليه وآله ولكنه من أشد الناس عداوة للمسلمين في الاسلام كان غنيا عتيا ، كبر عليه أن يتبع دين الاسلام ، فأذى ابن أخيه وأنصاره ، وحرض عليهم وقاتلهم ، فنزلت فيه السورة : ( تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب ) . وكان أحمر الوجه فلقب في الجاهلية بأبي لهب ، مات بعد وقعة بدر بأيام ولم يشهدها سنة ( 2 ) - الكامل لابن الأثير ج 2 / 25 . [5] الموسم : مجتمع الناس . وكثر استعماله لوقت اجتماع الحجاج وسوقهم في مكة المكرمة .