غائب ، لم يكونوا اشتروها وعملوها على أن يردوا عليه ثمنها إذا حضر . فتناول منها رسول الله صلى الله عليه وآله لقمة ، فلما ذهب أن يرفعها ثقلت عليه وفصلت [1] حتى سقطت من يده ، وكلما ذهب يرفع ما تناوله بعدها ثقلت وسقطت . فقالوا : يا محمد فما بال هذه لا تأكل منها ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله : وهذه أيضا قد منعت منها ، وما أراها إلا من شبهة يصونني ربي عز وجل عنها . فقالوا : ما هي شبهة ، دعنا نلقمك منها ، قال : افعلوا إن قدرتم عليه ، فكلما تناولوا لقمة ليلقموه ، ثقلت كذلك في أيديهم وسقطت ، ولم يقدروا أن يعلوها [2] . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : هو ما قلت لكم : شبهة يصونني ربي عز وجل عنها ، فتعجب قريش من ذلك ، وكان ذلك مما يقيمهم على اعتقاد عداوتهم إلى أن أظهروها لما أن أظهره الله عز وجل بالنبوة وأغرتهم اليهود أيضا وقالت لهم اليهود : أي شئ يرد عليكم من هذا الطفل ؟ ما نراه إلا سالبكم نعمكم وأرواحكم ، وسوف يكون لهذا شأن عظيم . وقال أمير المؤمنين عليه السلام : فتواطأت اليهود على قتله في [3] جبل حراء وهم سبعون ، فعمدوا إلى سيوفهم فسموها ، ثم قعدوا له ذات غلس في طريقه على جبل حرا ، فلما صعد صعدوا وسلوا سيوفهم ، وهم سبعون رجلا من أشد اليهود وأجلدهم وذوي النجدة منهم ، فلما أهووا بها إليه ليضربوه بها التقى طرفا الجبل بينهم وبينه فانضما ، وصار ذلك حائلا بينهم وبين محمد صلى الله عليه وآله ، وانقطع طمعهم عن الوصول إليه بسيوفهم ،
[1] في البحار : نصلت . [2] في المصدر المطبوع : أن يرفعوها - وفي البحار : أن يلقموها . [3] في البحار : في طريقه على جبل حراء .