فخرج زيد إلى الشام يلتمس ويطلب في أهل الكتاب الأول دين إبراهيم عليه السلام ويسأل عنه ، فلم يزل في ذلك فيما يزعمون حتى أتى الموصل والجزيرة كلها ، ثم أقبل حتى أتى الشام فجال فيها حتى أتى راهبا من أهل البلقاء [1] فتبعه ، كان ينتهي إليه علم النصرانية فيما يزعمون ، فسأله عن الحنفية دين إبراهيم عليه السلام ، فقال له الراهب : إنك تسأل عن دين ما أنت بواجد له الآن ، من يحملك عليه اليوم ، لقد درس علمه ، وذهب من كان يعرفه ولكنه قد أظلك خروج نبي يبعث بأرضك التي خرجت منها بدين إبراهيم الحنيفية ، فعليك ببلادك فإنه مبعوث الآن ، هذا زمانه ، ولقد كان شام [2] اليهودية والنصرانية فلم يرض شيئا منهما ، فخرج سريعا حين قال له الراهب ما قال يريد مكة ، حتى إذا كان بأرض لخم عدوا عليه فقتلوه . فقال ورقة بن نوفل [3] ، وقد كان اتبع مثل أثر زيد ، ولم يفعل في ذلك مثل ما فعل ، فبكاه ورقة وقال فيه شعرا : رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما * تجنبت تنورا من النار حاميا بدينك ربا ليس ربا كمثله * وتركك أوثان الطواغي كماهيا وقد تدرك الانسان رحمة ربه * وإن كان تحت الأرض ستين [4] واديا [5] 11 - وروي أن عمر بن الخطاب [6] ، وسعيد بن زيد [7] قالا : يا
[1] البلقاء : كورة من أعمال دمشق ، وفيها قرى كثيرة ومزارع واسعة . [2] شام : استخبر ، استعارة من الشم - وفي المصدر : سئم اليهودية أي مل . [3] ورقة بن نوفل : حكيم جاهلي ، اعتزل الأوثان قبل الاسلام وامتنع من أكل ذبائحها ، وهو ابن عم خديجة عليها السلام توفي نحو سنة ( 12 ق ه ) . [4] نصب " ستين " على الحال عن " بعد " المحذوف أي ولو كان بعد تحت الأرض ستين واديا . [5] كمال الدين ج 1 / 199 ح 41 وعنه البحار ج 15 / 204 ح 20 وعن مناقب ابن شهرآشوب ج 1 / 14 مختصرا ، وأورد نحوه ابن هشام في سيرته ج 1 / 229 و 231 . [6] عمر بن الخطاب : أبو حفص ، ولد سنة ( 40 ق ه ) ، وأسلم قبل الهجرة بخمس سنين ، وقام بالحكومة بسنة ( 13 ه ) ، وقتل سنة ( 23 ) ه . [7] سعيد بن زيد : بن عمرو بن نقيل صحابي ، ولد بمكة سنة ( 22 ) ه وتوفي بالمدينة ( 51 ) ه .