تقصير ، رؤوفا ليس بالجافي [1] ولا بالمهين [2] ، تعظم عنده النعمة وإن دقت ، لا يذم منها شيئا ، غير أنه لا يذم ذواقا [3] ولا يمدحه ، ولا تغضبه الدنيا وما كان لها . فإذا تعوطى الحق [4] لم يعرفه أحد ، ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له ، إذا أشار أشار بكفه وإذا تعجب قلبها ، وإذا تحدث اتصل بها يضرب [5] براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى ، وإذا غضب أعرض وأشاح [6] ، وإذا فرح غض طرفه ، جل ضحكه التبسم ، يفتر عن مثل حب الغمام [7] . قال الحسن عليه السلام فكتمتها [8] الحسين زمانا ، ثم حدثته ، فوجدته قد سبقني إليه ، وسألني عما سألته عنه ، ووجدته قد سأل أباه عن مدخل النبي صلى الله عليه وآله ومخرجه ، ومجلسه ، وشكله ، فلم يدع منه شيئا . قال الحسين عليه السلام : سألت أبي عليه السلام عن مدخل رسول الله ، فقال : كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك ، فإذا آوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء : جزء . لله تعالى ، وجزء لأهله ، وجزء لنفسه . ثم جزء جزءه بينه وبين الناس ، فيرد [9] ذلك بالخاصة على العامة ، ولا
[1] في البحار : دمثا ليس بالجافي : الدمث ( بفتح الدال وكسر الميم ) أي سهل الخلق . والجافي : غليظ الخلق . [2] ولا بالمهين : ( بضم الميم ) أي ما كان صلى الله عليه وآله مستخفا بالناس . [3] الذواق ( بفتح الذال المعجمة ) : الطعام . [4] إذا تعوطى الحق : معناه إذا تنوول غضب لله تبارك وتعالى . [5] في العيون : وإذا تحدث قارب يده اليمنى من اليسرى فضرب بإبهامه اليمنى راحة اليسرى . [6] أشاح : جد في الغضب وانكمش . [7] قال في البحار : قوله : يفتر . . الخ معناه يكشف شفتيه عن ثغر أبيض يشبه حب الغمام ، أي البرد . [8] في العيون : فكتمت هذا الخبر . [9] قال في البحار : قوله : يرد ذلك . . الخ معناه أنه كان يعتمد في هذه الحالة على أن الخاصة يرفع إلى العامة علومه وآدابه وفوائده ، وفيه قول آخر وهو أن يجعل المجالس للعامة بعد الخاصة ، فتنوب ( الباء ) عن كلمة " من " ولفظة ( على ) عن كلمة ( إلى ) .