قال هند : ثم انطلق ذوو الطول والشرف من قريش إلى دار الندوة ، ليرتأوا [1] ويأتمروا [2] في رسول الله صلى الله عليه وآله وأسروا ذلك بينهم ، فقال بعضهم : نبني له علما [3] ويترك برحا [4] نستودعه فيه فلا يخلص من الصباة [5] فيه إليه أحد ولا يزال في رنق [6] من العيش حتى يتضيفه ريب المنون [7] ، وصاحب هذه المشورة العاص بن وائل ، وأمية [8] وأبي ابنا خلف . فقال قائل : كلا ما هذا لكم برأي [9] ، ولئن صنعتم ذلك ليتنمرن الحدب الحميم [10] والمولى الحليف ، ثم ليأتين المواسم والأشهر الحرم بالأمن ، فلينتزعن من أنشوطتكم [11] قولوا : قولكم . فقال عتبة ، وشيبة [12] وشركهما أبو سفيان . قالوا : فإنا نرى نرحل بعيرا صعبا ونوثق محمدا عليه كتافا وشدا ثم
[1] ارتأى الامر : نظر فيه وتدبره . [2] ائتمروا بفلان : هموا به وأمر بعضهم بعضا بقتله . [3] العلم ( بفتح العين واللام ) : المنارة . [4] البرح ( بفتح الباء وسكون الراء ) : الشدة والأذى - وفي المصدر : نترك رخاء نستودعه فيه فلا يخلص من القتلة فيه إليه أحد ، وفي البحار : نترك فرجا نستودعه فيه فلا يخلص من الصباة فيه إليه أحد . [5] الصباة : جمع الصابي أي الخارج من الدين ، كانت العرب يسمون النبي صلى الله عليه وآله ( العياذ بالله ) صابئا والمسلمين صباة لأنهم خرجوا من دين قريش . [6] الرنق ( بفتح الراء المهملة وسكون النون ) : الكدورة . [7] تضيفه : أتاه ضيفا ونزل به ، وريب المنون : صرف الدهر - وفي المصدر : حتى يذوق طعم المنون . [8] أمية : بن خلف بن وهب بن حذاقة بن جمح كان من أشد أعداء النبي صلى الله عليه وآله والمسلمين حتى صار هالكا في يوم بدر سنة ( 2 ) . [9] في المصدر : بئس الرأي ما رأيتم . [10] التنمر : الغضب ، والحدب : العطوف ، وفي المصدر : لتستمعن هذا الحديث الحميم . [11] الأنشوطة ( بضم الهمزة والشين بينهما نون ساكنة ) : العقدة التي يسهل انحلالها - وفي المصدر : فلينزعن من أنشوطتكم إلى خلاصه . [12] في المصدر : قال عتبة وشركه أبو سفيان .