الله : ماذا أنتم صانعون ؟ فقالوا : رأيك فأنت سيدنا وكبيرنا ، فقال : نكافح [1] محمدا بالسيف علينا أم عليه ، غلبنا أم غلبناه ، ففي أحد الغلبين راحة ، فقال أبو سفيان : وقد بقي لي كيدا أكيد به محمدا ، فقالوا له : وما هو يا أبا سفيان ؟ فقال : إنه قد خبرت أنه يستظل من حر الشمس تحت حجر عال في هذا اليوم ، فآتي الحجر إذا استظل به محمد فأهدهده [2] عليه بجمع ذي القوة ، فلعلنا نكفي مؤنته ، فقالوا له : فافعل يا أبا سفيان ، قال : فبعث أبو سفيان رصدا على النبي صلى الله عليه وآله حتى عرف أنه قد خرج هو وعلي عليه السلام معه حتى أتيا الحجر واستظل تحته ، وجعل رأسه في حجر علي صلوات الله عليهما ، فقال : يا علي إني راقد وأبو سفيان يأتيك من وراء هذا الحجر في جمع ذي قوة ، فإذا صاروا في ظهر الحجر استصعب عليهم ، ويمتنع من أن يعمل فيه أيديهم ، فمر الحجر أن ينقلب عليهم فإنه ينقلب ، فيقتل القوم جميعا ويفلت [3] أبو سفيان وحده . فقال أبو سفيان لأصحابه : لا تجزعوا من كلام محمد ، فإنه ما قال هذا القول إلا ليسمعنا حتى لا ندنوا من الحجر ، ثم إنه شجعهم حتى صاروا في ظهر الحجر ، ورسول الله صلى الله عليه وآله راقد في حجر علي بن أبي طالب ، فراموا [4] الحجر أن يستهدهدوه أو يقلعوه فيلقوه على رسول الله صلى الله عليه وآله ، فاستصعب عليهم وامتنع منهم . فقال أصحاب أبي سفيان : إنا نظن محمدا قد قال : حقا ، إنا نعهد هذا الحجر لو رامه بعض عدونا لدهدهه وقلعه ، فما باله اليوم مع كثرتنا لا يهتز ! فقال أبو سفيان : اصبروا عليه . وأحس بهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه فصاح : يا حجر انقلب عليهم فأت عليهم غير صخر بن حرب ، فما استتم كلامه حتى انقض الحجر عليهم
[1] المكافحة : استقبال العدو بالحرب . [2] هدهد ( على وزن دحرج ) شيئا : حركه ودحرجه وأنزله من علو إلى سفل . [3] فلت يفلت ( بفتح اللام في الماضي وكسرها في المضارع ) : تخلص . [4] راموا : أرادوا وقصدوا .