حدثني يعقوب بن يوسف بأصبهان ، قال : حججت سنة إحدى وثمانين ومائتين ، وكنت مع قوم مخالفين ، فلما دخلنا مكة تقدم بعضهم فاكترى لنا دارا في زقاق [1] من سوق الليل في دار خديجة تسمى دار الرضا ( عليه السلام ) ، وفيها عجوز سمراء ، فسألتها لما وقفت على أنها دار الرضا ( عليه السلام ) : ما تكونين من أصحاب هذ الدار ، ولم سميت دار الرضا ؟ فقال : أنا من مواليهم ، وهذه دار الرضا علي بن موسى ( عليهما السلام ) ، وأسكننيها الحسن بن علي ( عليهما السلام ) فإني كنت خادمة له . فلما سمعت بذلك أنست بها ، وأسررت الأمر عن رفقائي ، وكنت إذا انصرفت من الطواف بالليل أنام مع رفقائي في رواق [2] الدار ونغلق الباب ، ونرمي خلف الباب حجرا كبيرا ، فرأيت غير ليلة ضوء السراج في الرواق الذي كنا فيه شبيها بضوء المشعل ، ورأيت الباب قد فتح ، ولم أر أحدا فتحه من أهل الدار ، ورأيت رجلا ربعة [3] ، أسمر ، يميل إلى الصفرة ، في وجهه سجادة [4] ، عليه قميصان وإزار رقيق قد تقنع به ، وفي رجله نعل طاق - وخبرني أنه رآه في غير صورة واحدة - فصعد إلى الغرفة التي في الدار حيث كانت العجوز تسكن ، وكانت تقول لنا : إن لها في الغرفة بنتا ، ولا تدع أحدا يصعد إلى الغرفة . فكنت أرى الضوء الذي رأيته قبل في الزقاق على الدرجة عند صعود الرجل في الغرفة التي يصعدها من غير أن أرى السراج بعينه ، وكان الذين معي يرون مثل ما أرى ، فتوهموا أن يكون هذا الرجل يختلف إلى بنت هذه العجوز ، وأن يكون قد تمتع بها ، فقالوا : هؤلاء علوية ، يرون هذا [5] وهو حرام لا يحل . وكنا نراه يدخل ويخرج ونجئ إلى الباب وإذا الحجر على حالته التي تركناه عليها ، وكنا نتعهد الباب خوفا
[1] الزقاق : الطريق الضيق . [2] الرواق : بيت كالفسطاط ، وقيل : سقف في مقدم البيت . [3] الربعة : الوسيط القامة . [4] السجادة : أثر السجود في الجبهة . [5] أي المتعة .