وبقي في الحديث ما لم يحسن ذكره مما فعله الرشيد به ، كذا وجدت الحكاية . 262 / 5 - وروي أن الرشيد فكر في قتل موسى ( عليه السلام ) فدعا برطب فأكل منه ، ثم أخذ صينية ، فوضع فيها عشرين رطبة ، وأخذ سلكا فتركه في السم ، وأدخله في الخياط وأخذ رطبة من ذلك الرطب ، وأقبل يردد السلك المسموم بذلك الخيط ، من رأس الرطبة إلى آخرها ، حتى علم أن السم قد تمكن فيها ، واستكثر منه ، ثم ردها في الرطب ، وقال لخادم له : احمل هذه الصينية إلى موسى ، وقل له : إن أمير المؤمنين أكل من هذا الرطب ، وتنغص لك ، وهو يقسم عليك بحقه إلا ما أكلته عن آخره ، فإني اخترتها لك بيدي ، ولا تتركه حتى لا يبقي منه شيئا ، ولا يطعم [1] منه أحدا . فأتاه بها الخادم ، وأبلغه الرسالة ، فقال له : إئتني بخلالة [2] . فناوله خلالة ، وأقام بإزائه وهو يأكل الرطب ، وكان للرشيد كلبة أعز عليه من كل ما كان في مملكته ، فجرت نفسها وخرجت بسلاسل ذهب وفضة كانت في عنقها ، حتى حاذت موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ، فبادر بالخلالة إلى الرطبة المسمومة فغرزها ، ورمى بها إلى الكلبة ، فأكلتها ، فلم تلبث الكلبة أن ضربت بنفسها [3] الأرض ، وعوت حتى تقطعت قطعا قطعا ، واستوفى ( عليه السلام ) باقي الرطب ، وحمل الغلام الصينية إلى الرشيد ، فقال له : أكل الرطب عن آخره ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين . قال : فكيف رأيته ؟ قال : ما أنكرت منه شيئا يا أمير المؤمنين . قال : ثم ورد خبر الكلبة ، وأنها قد تهرأت وماتت ، فقلق الرشيد لذلك قلقا شديدا ، واستعظمه ، ومر على الكلبة ، فوجدها متهرأة بالسم ، فدعا الخادم ، ودعا بالسيف والنطع ، قال : لتصدقني عن خبر الرطب وإلا قتلتك . فقال : يا أمير المؤمنين ، إني حملت الرطب إليه ، وأبلغته رسالتك ، وقمت بإزائه ،
[1] في " ط " : تطعم . [2] الخلالة : آلة يؤكل بها الرطب ونحوه كالشوكة . [3] زاد في " م " : إلى .