زنجي فصيح مستدفئ بخرقة ، على رأسه قدر فخار ، فوقف على الغلمان فقال : أين سيدكم ؟ قالوا : هو ذاك . قال : أبو من يكنى ؟ قالوا : أبا الحسن . قال فوقف عليه وقال له : يا سيدي يا أبا الحسن ، هذه عصيدة أهديتها إليك . قال : ضعها عند الغلمان ، فوضعها عند الغلمان ، فأكلوا منها . ثم ذهب فلم نقل بلغ حتى خرج ، وعلى رأسه حزمة حطب ، حتى وقف عليه وقال : يا سيدي ، هذا حطب أهديته إليك . قال : ضعه عند الغلمان وهب لنا نارا . فذهب فجاء بنار . قال : فكتب أبو الحسن ( عليه السلام ) اسمه واسم مولاه ، فدفعه إلي وقال : يا بني ، احتفظ بهذه الرقعة حتى أسألك عنها . قال : فوردنا إلى ضياعه ، فأقام بها ما طاب له ، ثم قال : امضوا بنا إلى زيارة البيت . قال : فخرجنا حتى وردنا مكة ، فلما قضى عمرته دعا صاعدا فقال : اذهب فاطلب لي هذا الرجل ، فإذا علمت موضعه فأعلمني حتى أمشي إليه . فوقعت على الرجل [1] ، فلما رآني عرفني ، وكنت أعرفه ، وكان يتشيع ، فلما رآني سلم علي وقال : أبو الحسن موسى قدم ؟ قلت : لا . قال : فأي شئ أقدمك ؟ قلت : حوائج ، وكان قد علم بمكانه وبشأنه ، فتبعني وجعلت أتخفى منه ويلحقني بنفسه [2] ، فلما رأيت أني لا أنفلت منه ، مضيت إلى مولاي ومضى معي حتى أتيته ، فقال : ألم أقل لك لا تعلمه ؟ فقلت : جعلت فداك ، لم اعلمه . فسلم عليه فقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : غلامك فلان تبيعه ؟ فقال : جعلت فداك ، الغلام لك ، والضيعة لك ، وجميع ما أملك . قال : أما الضيعة فلا أحب أن أسلبكها ، وقد حدثني أبي ، عن جدي أن بائع [3] الضيعة ممحوق ، ومشتريها مرزوق .
[1] في تاريخ بغداد زيادة : فإني أكره أن أدعوه والحاجة لي . قال لي صاعد : فذهبت حتى وقفت على الرجل . [2] في " ط " : ويخفى نفسه . [3] في " ع ، م " : بيع .