ونحن نقول : إنّ تهمة الرضي بالانتحال ساقطة لأمرين : أولا : إنّ شخصية الرضي معروفة بالأمانة ، كما ذكرته مصادر الأدب والتأريخ . ثانيا : إنّ الذهبي ، وهذه دعوى يجب أن تخضع للدراسة والنقد ، ومن الثابت في قواعد الجرح والتعديل أنّ ذلك مما لا يعبأ به ، وأنّها حقا تهمة ظالمة لرجل وصفته المصادر بالورع والشرف والصراحة في تطبيق حكم اللَّه . ونكتفي بما نقله ابن عنبة ( ت / 828 ه ) من حادثتين تكشف عن مدى أمانة الشريف الرضي ننقلهما من لفظه من دون تعليق ليحكم القارئ الكريم بنفسه على هذه الاتهامات : نقل ابن عنبة عن أبي إسحاق الصابي عن الوزير أبي محمد المهدي في الشريف الرضي قال : « وأما أخوه الرضي ، فبلغني ذات يوم أنه ولد له غلام فأرسلت إليه بطبق فيه ألف دينار ، فرده وقال : قد علم الوزير أني لا أقبل من أحد شيئا . فرددته إليه وقلت : إني إنما أرسلته للقوابل . فرده الثانية وقال : قد علم الوزير أنه لا تقبّل نساءنا غريبة . فرددته إليه وقلت : يفرّقه الشريف على ملازميه من طلاب العلم . فلما جاءه الطبق وحوله طلاب العلم قال : هاهم حضور فليأخذ كل أحد ما يريد . فقام رجل وأخذ دينارا فقرض من جانبه قطعة وأمسكها ورد الدينار إلى الطبق ، فسأله الشريف عن ذلك فقال : احتجت إلى دهن السراج ليلة ولم يكن الخازن حاضرا فاقترضت من فلان البقال دهنا فأخذت هذه القطعة لأدفعها إليه عوض دهنه ، وكان طلبة العلم الملازمون للشريف الرضي في دار قد اتخذها لهم سماها ( دار العلم ) وعيّن لهم جميع ما يحتاجون إليه ، فلما سمع الرضي ذلك أمر في الحال بأن يتخذ للخزانة مفاتيح بعدد الطلبة ويدفع إلى كلّ منهم مفتاح ليأخذ ما يحتاج إليه ولا ينتظر خازنا يعطيه ، وردّ الطبق على هذه الصورة ، فكيف لا أعظَّم من هذا حاله » [1] .