عليّ رضى اللَّه عنه ، ولا أسانيد لذلك ، وبعضها باطل ، وفيه حقّ ، ولكن فيه موضوعات حاشا الإمام من النّطق بها ، ولكن أين المنصف وقيل : بل جمع أخيه الشريف الرضي » [1] . وقال أيضا في الميزان : « هو المتّهم بوضع كتاب نهج البلاغة ، وله مشاركة قويّة في العلوم ، ومن طالع كتابه نهج البلاغة جزم بأنّه مكذوب على أمير المؤمنين علي رضى اللَّه عنه ، ففيه السب الصراح والحط على السيدين أبي بكر وعمر ، وفيه من التناقض والأشياء الركيكة والعبارات التي من له معرفة بنفس القرشيين الصحابة وبنفس غيرهم من بعدهم من المتأخرين جزم بأنّ أكثره باطل » [2] . وقد يرى البغضاء من قلمه والكذب في قوله : « في تصانيفه [ المرتضى ] سبّ الصحابة وتكفيرهم » فإنّه ليس لذلك في تصانيفه عين ولا أثر . وقوله : « لا أسانيد لذلك » يدل على جهله بأسانيد المرويات عن عليّ عليه السّلام - كما ستعرف في هذا الكتاب - ومن اتهامه الشريف المرتضى بالوضع ، وهذا ما لم يتهمه منصف في حياته وبعد وفاته ، ولا أدري هل هو أعرف بنفس القرشيّين أم أهل البيت الذين اغترفوا من زلال علوم النبي الأطهر صلَّى اللَّه عليه وآله وعاصروا الصحابة الأخيار وحافظوا على تراث الإسلام . ولعل أقرب الأقوال ما ذكره زكي مبارك في كتابه النثر الفني ، حيث قال : « وقد أراد المسيو ديمومبين ( ) أن يغضّ من قيمة ما نسب إلى علي بن أبي طالب من خطب ورسائل ، استنادا إلى ما شاع منذ أزمان من أنّ الشريف الرضي هو واضع كتاب نهج البلاغة ، أما نحن فنتحفّظ في هذه المسألة كل التحفّظ ، لأن الجاحظ يحدثنا : إنّ خطب علي وعمر وعثمان كانت محفوظة في مجموعات . ومعنى هذا أن خطب عليّ كانت معروفة قبل الشريف الرضي . والذين نسبوا نهج البلاغة إلى الرضي يحتجّون بأنّه وضعها لأغراض شيعية ، فلم لا نقول من جانبنا بأن تهمة الوضع جاءت لتأييد خصوم الحملات الشيعية » [3] .