خلافة عليّ عليه السّلام ، والفرقة حصلت من معاوية ، فهو الشاذّ عن جمهور المسلمين في عصره ، فصدر الخطبة لا يخالف مذهب الرضي ، وإنما لم يذكره لأنّ أسلوبه في الجمع هو التركيز على الكلام البليغ ، ففي رواية : « اتّق اللَّه فيما لديك وانظر في حقّه عليك » من السجع والبلاغة ما ليس في ما ذكره ، ومن فقد هذا الذوق لا ينفع معه النطق . وحصل مثل ذلك من عمر فرّوخ حيث قال : « إن الشريف الرضي لم يستطع إثبات جميع رسائل الإمام عليّ وخطبه ، لأنّ بعضها كان قد ضاع بتطاول الزمن عليه قبل عصره ، حتى أنّ كثيرا من الخطب التي وصل إليها الشريف الرضي لم يصل إليها كاملة . ولذلك تجد أكثر الخطب المثبتة في نهج البلاغة مسبوقة بقول الشريف الرضي نفسه : « ومن خطبة له عليه السّلام » ، مما يدل على أن هذه الخطب لم تصل إليه كاملة » [1] . فإنّ أسلوب الشريف هو الانتقاء من الخطب ، وليس إيراد الخطب كاملة ، فقد اختطَّ الشريف في جمعه أسلوبا واحدا هو أسلوب الانتقاء ممّا يرى فيه قيمة أدبية - كما يتطلَّبه اختصاصه وذوقه الأدبي ، وهو الحال في أصحاب الأدب . هذا ، وقد أعرض أيضا عن أسلوب المحدثين في ذكر الأسانيد ، وليس هذا انتقاص للبحوث الأخرى التي تتعلق بهذه الروايات ، فإن ذلك ليس من اهتمامه ، وظني أنّه لو كان يعلم أن ذلك ستكون شبهة لذكرها . وقد استخدم هذا الأسلوب بالنسبة إلى بلاغة القرآن وبلاغة الحديث النبوي ، وكان من الطبيعي أن يتبعهما ببلاغة الكلام العلوي . ومن تقرير أسلوب الشريف في خطبة الكتاب وكتبه الأخرى الطافحة بالولاء لأهل البيت والدفاع عنهم والاعتزاز بتراثهم لا نشك في أنه اعتمد بالدرجة الأولى على روايات أهل البيت عليهم السّلام في جمع النهج ، وإذا ذكر غيرهم فإنما هو من باب القاء الحجة على الخصم بسرد الموافقات ، ومن ذلك يظهر ما في كلام الدكتور احسان عباس في كتابه « الشريف الرضي » حيث قال : « لا أستبعد أنه لم يكن يهتم كثيرا بتحقيق نسبة الكلام