منابع الثقافة والفكر للإمام عليّ وغيره من الصحابة كان هو القرآن الكريم ، وماذا بعد وجود الحجة إلَّا الظن الذي لا يسانده حجة . ثم قال الأستاذ زكي : « ولا يسبقنّ إلى ذهنك من دفعنا بعض هذه الشبه أنّا نروم أن نثبت للامام كلّ ما ورد في نهج البلاغة بحذافيره ونقطع بصحة اسناده إليه قطعا ، لا بل أننا نعتقد أنه لا يخلو من الدخيل كما بيّنا لك » [1] . وزاد قائلا : « واننا نسوّغ لأنفسنا أن نقول : من الجائز أن يكون بعض غلاة الشيعة قبل الشريف الرضي قد دسوّا على الإمام بعض الخطب أو زادوا فيها ما ليس وقد كان العراق عشّا للشيعة » [2] . وغريب جدا هذا النوع من الاستدلال بالشك والتهمة واعتبارهما حجّة ، إذ أنّ للقاريء المنصف أنّ يسوّغ لنفسه ذلك ويقول : من الجائز أن لا يكون الرواة قد دسّوا على الإمام في شيء من الخطب ، وأن لم يزيدوا فيها شيئا ، وقد كان العراق عشّا للشيعة حيث عاش الإمام فيهم وهم أعرف به وبخطبه من غيرهم ، ومن هنا انفردوا بالرواية عنه والإكثار ، دون غيرهم ممّن لم يعش مع الإمام في حياته العامة ، ولم يشارك بعد في حروبه ولم يؤيده في موافقه ومن لم يسر على خطاه بعد وفاته ، ولم يعن بتراثه كمثل أعلى في حياته . فالشبهات في نفسها لا تقوم حجة ، وقد عرفت أنّ مبعث الشكوك إنّما هو الاختلاف في العقيدة والمذهب أو احتمالات مجرّدة عن الدليل ، وليس شيء من الأمرين حجة لمن أنصف في البحث . الشبهة السابعة - الإخبار بالغيب وبعد الأستاذ أحمد زكي كرّر هذه الشبهات كلها أو بعضها كثير من الكتاب ، وإليك بعض ما انفرد به بعض من تأخر عنه . قال عباس محمود العقاد في العبقريات الإسلامية ما نصه : « ومن المحقق الذي
[1] مشيرا إلى الشبهات : 3 - 6 ، وانظر ترجمة علي بن أبي طالب : 156 . [2] ترجمة علي بن أبي طالب : 158 .