من هو جامع نهج البلاغة قال ابن خلكان ( ت / 681 ه ) : « اختلف الناس فيه ، هل أنّ الشريف أبي القاسم علي بن طاهر المرتضى المتوفى سنة 436 جمعه من كلام علي بن أبي طالب عليه السّلام ، أم جمعه أخوه الشريف الرضي البغدادي ، وقد قيل : إنّه ليس من كلام علي » [1] . وكثر ممن جاء بعد ابن خلكان ( ت / 681 ه ) تبعيّته في ترديد دعواه ، راجع ميزان الاعتدال ، للذهبي ( ت / 748 ه ) 3 : 124 . ومرآة الجنان ، لليافعي ( ت / 768 ه ) 3 : 55 . والبداية والنهاية ، لابن كثير ( ت / 774 ه ) 12 : 3 و 53 . ولسان الميزان ، لابن حجر ( ت / 852 ه ) 5 : 141 ، كما تبعه في ذلك بعض المتأخرين منهم : فريد وجدي في دائرة المعارف 4 : 260 . وليس لهذا الاختلاف أثر في مصادر أهل البيت ، فقد أطبقت المصادر والأسانيد على أنّ الجامع هو الشريف الرضي ، فإنّ أقرب مصدر للترجمة إلى زمان الشريف للنهج هو فهرستا الطوسي والنجاشي ، وكلاههما ترجما المرتضى ولم يذكرا نهج البلاغة من تأليفه ، بل ذكر النجاشي ( ت / 450 ه ) أنّه من تأليف الشريف الرضي ، وهو أقدم من ابن خلَّكان ( ت / 681 ه ) وأعرف ، وغير خفيّ على المتتبّع أنّ السبب في هذه التهمة هو الصراع المذهبي ، كما يظهر جليا من ترجمة الشريفين الرضي والمرتضى ممن لا يوافقهما في العقيدة والمذهب . قال الذهبي ( ت / 748 ه ) في تاريخ الإسلام في حوادث سنة 436 في ترجمة الشريف المرتضى : « قلت : وقد اختلف في كتاب نهج البلاغة المكذوب على عليّ عليه السّلام ، هل هو من وضعه ، أو وضع أخيه الرضي . وقد حكى عنه ابن برهان النحوي أنّه سمعه ووجهه إلى الحائط يعاتب نفسه ويقول : أبو بكر وعمر وليا فعدلا ، واسترحما فرحما ، أفأنا أقول : ارتدا قلت : وفي تصانيفه سبّ الصحابة وتكفيرهم » [2] . وقال الذهبي أيضا : « هو جامع كتاب نهج البلاغة المنسوبة ألفاظه إلى الإمام
[1] وفيات الأعيان 1 : 471 . [2] راجع تاريخ الاسلام : وفيات عام 436 .