كهذا إذا ولي عملا مضى فيه على بصيرة ، فلا يرتجل الخطط ارتجالا دون أن يعي حاجات المجتمع ، ويلبي في خططه ومناهجه هذه الحاجات . وإلى جانب التجربة والخبرة العملية يجب أن يتوفر له مستوى عال من الأخلاق ، فهو كما قلنا ، المرآة التي ينظر بها الشعب إلى الحاكم ، ولذلك فينبغي أن يكون على خلق رفيع يمسكه عن الشطط ومجانبة العدل ، ويستقيم به على الجادة ، ويؤم به قصد السبيل . فالحياء خلق يجب ان يتوفر فيه ، والحياء هنا ليس على معناه المبتذل ، وإنما هو الحياء من النفس . . من تلويثها بالظلم والعدوان والتهاون في القيام بالواجب ، وهذا الخلق يدفع بصاحبه دائما إلى التعالي والتسامي . ويجب أن تتوفر فيه صفة القناعة ، بان لا يلوث نفسه برذيلة الطمع التي توشك أن تنقلب إلى حقيقة خارجية حين تجد لها محلا في نفس الانسان ، وصدى في تصوراته . وإلى جانب هذه الميزات يجب ان يجمع بعد النظر ، وأصالة الفكر ، وجودة الفهم ، فهذه الصفات ضرورية لمن أنيط به أمر جماعة من الناس واعتبر مسؤولا عن أمنهم ونشاطهم الاجتماعي . ولم يكن في زمن الإمام عليه السلام مدارس تعد الموظفين الإداريين ، وتلقنهم الثقافة الإدارية ، لذلك أرشد الامام الحاكم إلى اختيار هؤلاء من بين أبناء الأسر المحافظة على التقاليد ، الآخذة أبنائها بطراز عال من التربية ، العاملة على تنشئتهم تنشئة نموذجية . قال عليه السلام : ( . . وتوخ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة ، والقدم في الاسلام المتقدمة ، فإنهم أكرم أخلاقا ، وأصح أعراضا ، وأقل في المطامع