حب الله تعالى ، فلا امتنان على المعطى ولا إفضال ، ومتى ؟ إنها بذله في السراء والضراء . وهي الصبر في جميع المواطن وجميع الأحوال . وهي كظم الغيظ ، وهي العفو عن الناس ، وهي العدل فيهم والاحسان إليهم إلى غير ذلك من حميد الأخلاق وجميل الخصال . هذه هي التقوى . فإذا حققت التقوى في نفسك : وعيت وجود الله وأمره ونهيه في كل ما تلم به من فعل أو قول ، وتحريت الفضيلة أنى كانت فأخذت بها وأخضعت نفسك لها ، وجعلت من نفسك وجميع إمكاناتك خلية إنسانية حية ، تعمل بحرارة وإخلاص على رفع مستوى الكيان الاجتماعي الذي تضطرب فيه ، وصدرت في ذلك كله عن إرادة الله المتجلية فيما شرع من أحكام ، تكون قد حققت في نفسك المثل الاعلى الذي نصبه الاسلام . فالمال لا يكسب قيمة إلا إذا بذل حيث أجاز الله أن يبذل ، وإلا إذا اتخذ وسيلة إلى رضوان الله . أما أولئك الذين لا يبذلون أموالهم فلا جدوى منهم للجماعة ، ولذلك فلا مزية لهم على غيرهم من الناس الذين لا مال لهم . والسلالة لا قيمة لها حين لا يكون صاحبها متقيا لله . والقوة لا قيمة لها حين لا يستخدمها صاحبها في مرضاة الله . والسلطان ؟ انه لا يكسب صاحبة قيمة إلا إذا كان ذا تقوى . هناك أغنياء وفقراء ، وحاكمون ومحكومون ، وأقوياء وضعفاء ، وأناس تحدروا من سلالات لها ماض عريق وآخرون ليس لهم ماض مذكور ، ولكن كل هذا لا يرفع من صاحبه ولا يضع الا إذا اقترن بالتقوى أو عري عنها . وتعاليم الاسلام صريحة في ذلك لا لبس فيها ولا غموض ، فهي تنص على أن القطب الذي يدور عليه التفاضل ليس شيئا غير التقوى .