قلوب عمي ، وآذان صم ، وألسنة بكم ، متبع بدوائه مواضع الغفلة ومواطن الحيرة . ) [1] . وهكذا فعلت سياسة معاوية فعلها في مجتمع الامام ، فتمالا رؤساء أصحابه على الخيانة ، وتخاذلوا عن نصره فلا يجيبونه حين يدعوهم ، ولا ينصرونه حين يستنصرهم ، وما أكثر خطبه وكلماته التي أعلن فيها شكواه منهم ، وبرمه بهم ، من ذلك قوله عليه السلام : ( يا أشباه الرجال ولا رجال ! حلوم الأطفال ، وعقول ربات الحجال [2] . لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم ، معرفة والله جرت ندما ، وأعقبت سدما [3] . قاتلكم الله ! لقد ملأتم قلبي قيحا ، وشحنتم صدري غيظا ، وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا [4] ، وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان ، حتى قالت قريش : إن ابن أبي طالب رجل شجاع ، ولكن لا علم له بالحرب . . ) [5] . وقد ظهر أثر هذه السياسة على أشده بعد صفين ، فحين انتهت مهزلة التحكيم
[1] نهج البلاغة ، رقم النص : 106 . [2] حجال : جمع حجلة ، وهي القبة تكون فيها المرأة ، وموضع يزن بالثياب للعروس . وربات الحجال : النساء . [3] السدم : الهم مع أسف أو غيظ . [4] النغب : بمعنى جرع ، وعلى وزنها ، وهي جمع نغبة كجرعة ، وبمعناها . والتهمام - بالفتح - الهم . وقوله ( أنفاسا ) أي جرعة بعد جرعة . [5] نهج البلاغة ، رقم الخطبة : 27 .