ولا حمحمة خيل [1] ، يثيرون الأرض بأقدامهم كأنها أقدام النعام . ويل لسكككم العامرة [2] والدور المزخرفة التي لها أجنحة كأجنحة النسور [3] وخراطيم كخراطيم الفيلة [4] ، من أولئك الذين لا يندب قتيلهم ولا يفتقد غائبهم [5] أنا كأب الدنيا لوجهها ، وقادرها بقدرها ، وناظرها بعينها ) [6] . هذه النبوءة صدقتها الحوادث ، ففي سنة خمس وخمسين ومائتين ظهر المدعو عليا بن محمد بن عبد الرحيم وجمع الزنوج وخرج بهم على المهتدي العباسي [7] ، واستشرى أمره ، وكاد يبيد البصرة ويفني أهلها ، واستمرت الحرب بينه وبين السلطة المركزية خمسة عشر عاما ، فقد قتل في سنة سبعين ومائتين ، وقد كتب ابن أبي الحديد فصلا كبيرا عن هذه النبوءة [8] .
[1] الحمحمة : صوت البرذون عند الشعير . [2] السكك : جمع سكة ، وهي الطريق المستوي الممهد . وهو إخبار عما يصيب تلك الطرق وما حولها من المنازل من الخراب والتهديم . [3] أجنحة الدور : رواشنها ( جمع روشن ، بمعنى شرفة ( برندة ) ) وذلك على التشبيه بأجنحة الطير . [4] خراطيم الدور : هي الميازيب تطلى بالقار . [5] أصحاب الزنجي ، وإنما لا يندب قتيلهم ، لان ليس لهم زوجات وأهل يبكون عليهم لأنهم كانوا عبيدا ليست لهم أسر . [6] نهج البلاغة ، رقم النص : 126 . [7] المهتدي بالله ، محمد بن هارون الواثق ، ابن المعتصم بن الرشيد بويع له بالخلافة يوم 27 رجب سنة 255 ه ( 11 يوليو ( تموز ) 869 م ) ، وخلع في 14 رجب سنة 256 ( 17 يونيو سنة 870 م ) . [8] ابن أبي الحديد : شرح النهج 2 - 310 - 361 .