وبعد أن نعرف أن معاناته لها قد انتهت به إلى نتائج باهرة - بعد أن نعرف هذا كله يتبين لنا أن نهج البلاغة كان يجب ان ينال حظا من الالتفات إليه من الاجتماعيين ، لأنه يسجل حدثا مهما في فكرة المجتمع . لا نريد أن نقول إن الامام قد اخترع علم الاجتماع لنرتفع بنسب هذا العلم من ابن خلدون إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ، بعد أن تبين للدوائر الاجتماعية ان الأب الشرعي لهذا العلم ليس أوغست كنت . لا نريد أن نقول هذا ، فلم يكرس الامام نفسه لاختراع العلوم ، وإن كان قد شارك في هذا المجال الابداعي فاخترع وحده العلم الذي حفظ للعربية أصولها وضمن لها الخلود ذلك علم النحو . لقد كانت محاولة تطبيق الصيغة الاسلامية الصحيحة للحياة الانسانية على المجتمع في سبيل بناء الانسان المتكامل - كانت هذه المحاولة هي همه الكبير كقائد رسالي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله . ولقد كانت مشاكل السياسة والإدارة والحرب هي شاغله الأول وهي ميدانه الأصيل كحاكم . إن الذي نريد أن نقوله هو انه - كحاكم عادل - قد فكر في المجتمعات التي حكمها . وفكر في أفضل الطرق والوسائل التي تنمي حياتها الاجتماعية وترتفع بها إلى الذروة من الرفاهية والقوة والامن ، مع ملاحظة انها تدين بالاسلام وان شؤون اقتصادها ، وحربها ، وسلمها ، وعلائقها الاجتماعية ، تخضع لقوانين الاسلام ، وانها يجب ان تأخذ سبيلها إلى النمو في اطار إسلامي بحت . وقد هداه تفكيره إلى نتائج باهرة في التنظيم الاجتماعي : فالحكم