فإنهم قواعد أساس العصبية ، ودعائم أركان الفتنة ، وسيوف اعتزاء الجاهلية [1] ، فاتقوا الله . . ولا تطيعوا الأدعياء [2] الذين شربتم بصفوكم كدرهم وخلطتم بصحتكم مرضهم ، وأدخلتم في حقكم باطلهم ، وهم أساس الفسوق وأحلاس العقوق [3] اتخذهم إبليس مطايا ظلال وجندا بهم يصول على الناس ، وتراجمة ينطق على ألسنتهم ، استراقا لعقولكم ، ودخولا في عيونكم ، ونفثا في أسماعكم فجعلكم مرمى نبله ، وموطئ قدمه ، ومأخذ يده ) . - الخطبة القاصعة - رقم النص : 190 - وعلى هذا النسق العالي من البيان الشامخ يمضي الامام صلوات الله عليه في بيان أمراض المجتمع . ويكشف عن أسبابها النفسية ، ويبرهن بذلك على وعي خارق للعمليات الاجتماعية وأسباب انحرافها ، وطرق اصلاحها . وننصح بالرجوع إلى الخطبة القاصعة وقراءتها بامعان ، فقد لا يعطي ما قدمناه فكرة تامة عن جميع الأفكار التي تحتويها .
[1] الاعتزاء : الانتساب ، اعتزاء الجاهلية : العادات الجاهلية في المفاخرة بالسلالة والنسب . [2] الدعي هو الذي ينتسب إلى غير أصله . يريد هنا أن رؤساء القبائل أدعياء على أهل الخير وأهل الصلاح ، وهم في الحقيقة أشرار . [3] الحلس كساء يكون على ظهر البعير ملازم له ، واستعير للتعبير عن كل ملازم لشئ . فيقال حلس بالمكان : لزمه : وحلس بفلان : لم يفارقه . ويريد الامام هنا أن هؤلاء الزعماء ملازمون للعقوق ، عقوق الله وعقوق إمامهم .