واحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات بسوء الافعال ، وذميم الأعمال ، فتذكروا في الخير والشر أحوالهم ، واحذروا أن تكونوا أمثالهم . فإذا تفكرتم في تفاوت حاليهم ، فالزموا كل أمر لزمت العزة به شأنهم ، وزاحت الأعداء له عنهم ، ومدت العافية به عليهم ، وانقادت النعمة له معهم ، ووصلت الكرامة عليه حبلهم : من الاجتناب للفرقة ، واللزوم للألفة ، والتحاض عليها والتواصي بها . واجتنبوا كل أمر كسر فقرتهم [1] ، وأوهن منتهم [2] : من تضاغن القلوب ، وتشاحن الصدور ، وتدابر النفوس ، وتخاذل الأيدي ) . - الخطبة القاصعة - رقم النص : 190 - ثم يضرب لهم الأمثال بحال بني إسرائيل كيف جمعتهم الدعوة الواحدة ، ولم شعثهم الهوى الجميع ، فعظم أمرهم ، ثم اختلفوا فذهب ريحهم ووهنوا وذلوا . وضرب لهم الأمثال بحال العرب قبل الاسلام كيف كانوا ، ثم كيف اتحدوا بالاسلام فأصبحوا يطاعون في بلاد كانوا فيها أذلة ضعفاء .
[1] كسر فقرتهم : كسر ظهورهم ، لان الفقار في ظهر الانسان يقوم عليها كيانه فإذا كسرت عجز عن الوقوف والعمل . [2] أوهن منتهم : أضعف قوتهم .