نام کتاب : دراسات في الحديث والمحدثين نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 337
صحيح ان ما قيل عن الشيعة ، وما كتب عنهم ولا يزال المتقولون والكتاب يجترونه في كل عصر وزمان ، هو من صنع تلك العصور المظلمة الجائرة ، ولكن قد باء الوقت المناسب لتجاهل تلك المزامير التي تغنى بها أسلافهم قرونا وأجيالا ، ولأن يملوها كما ملوا من كل قديم لا تفرضه الحياة في مختلف نواحيها ، وان يدرسوا التاريخ ويحاكموه بوعي وانصاف وتجرد ، ونحن على ثقة بأنهم لو فعلوا ذلك سيتراجعون عن أكثر مدونات التاريخ وأراجيف الحكام وشيوخ السوء ، وسيعلمون ان التقية التي اعتبروها من عيوب التشيع ، يفرضها الواقع ، ويحكم بها العقل في مثل تلك الظروف التي أحاطت بالشيعة دون سواهم ، وقد ساعدت على بقاء الأديان وانتشارها أولا وأخيرا ، في حين هي أبعد ما تكون عن الباطنية والسرية والرياء ، كما يزعم بعض المؤلفين من السنيين وغيرهم . فالباطنية مذهب له أصوله وقواعده عند مبتدعيه وواضعيه يتنافى مع أصول الاسلام وقواعده ، وقد كمر أئمة الشيعة المعتنقين لهذه الفكرة والمرائين ، وعدوا الرياء نوعا من الشرك كما جاء في مروية يزيد بن خليفة عن الإمام الصادق ( ع ) [1] . ان التقية دعوة إلى الخلود والسكينة ، وليست شيئا آخر وراء مجاراة الغير تهربا من شره وضرره حتى يتهيأ الوقت المناسب للوقوف في وجه الطغيان والفساد مع العلم بان جميع الأديان والطوائف تقر مبدأ التقية ، وتدفع المهم بالأهم وتقدم الفاسد على الأفسد ، وتأخذ بقاعدة دفع المفاسد أولى من جلب المصالح . والسنة أنفسهم يقرونها ويعملون بها لدفع الاضرار والمفاسد وجلب المصالح والمنافع ، فقد جاء في الجزء الثالث من احياء العلوم للغزالي ، ( باب ما رخص فيه الكذب ) .