نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 65
خلقه خلق السّموات . . . ( الخطبة 180 ، 324 ) الحمد للَّه المعروف من غير رؤية ، والخالق من غير منصبة . ( الخطبة 181 ، 329 ) وقال « ع » عن خلقة النملة : ولو فكَّروا في عظيم القدرة وجسيم النّعمة ، لرجعوا إلى الطَّريق ، وخافوا عذاب الحريق ، ولكن القلوب عليلة ، والبصائر مدخولة . إلا ينظرون إلى صغير ما خلق ، كيف أحكم خلقه ، وأتقن تركيبه ، وفلق له السّمع والبصر ، وسوّى له العظم والبشر . انظروا إلى النّملة في صغر جثّتها ولطافة هيئتها ، لا تكاد تنال بلحظ البصر ، ولا بمستدرك الفكر ، كيف دبّت على أرضها وصبّت على رزقها ، تنقل الحبّة إلى جحرها ، وتعدّها في مستقرّها . تجمع في حرّها لبردها ، وفي وردها لصدرها ( الصّدر الرّجوع بعد الورود ) . مكفول برزقها ، مرزوقة بوفقها . لا يغفلها المنّان ، ولا يحرمها الدّيّان ، ولو في الصّفا اليابس ، والحجر الجامس ( أي الجامد ) . ولو فكَّرت في مجاري أكلها ، في علوها وسفلها ، وما في الجوف من شراسيف ( أطراف الأضلاع التي تشرف على البطن ) بطنها ، وما في الرّأس من عينها وأذنها - لقضيت من خلقها عجبا ، ولقيت من وصفها تعبا . فتعالى الَّذي أقامها على قوائمها ، وبناها على دعائمها . لم يشركه في فطرتها فاطر ، ولم يعنه على خلقها قادر . ولو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته ، ما دلَّتك الدّلالة إلَّا على أنّ فاطر النّملة هو فاطر النّخلة ، لدقيق تفصيل كلّ شيء ، وغامض اختلاف كلّ حيّ . وما الجليل واللَّطيف ، والثّقيل والخفيف ، والقويّ والضّعيف ، في خلقه إلَّا سواء . وكذلك السّماء والهواء والرّياح والماء . فانظر إلى الشّمس والقمر والنّبات والشّجر والماء والحجر ، واختلاف هذا اللَّيل والنّهار ، وتفجّر هذه البحار ، وكثرة هذه الجبال ، وطول هذه القلال ، وتفرّق هذه اللَّغات ، والألسن المختلفات . فالويل لمن أنكر المقدّر وجحد المدبّر . زعموا أنّهم كالنّبات ما لهم زارع ، ولا لاختلاف صورهم صانع . ولم يلجئوا إلى حجّة فيما أدّعوا ، ولا تحقيق لما أوعوا ( أي حفظوا ) . وهل يكون بناء من غير بان ، أو جناية من غير جان . ( الخطبة 183 ، 335 ) .
65
نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 65