responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون    جلد : 1  صفحه : 201


الجافية . ( الخطبة 149 ، 264 ) وقال ( ع ) يصف زهد رسول اللَّه ( ص ) وتركه للدنيا : ولقد كان في رسول اللَّه - صلَّى اللَّه عليه وآله - كاف لك في الأسوة . ودليل لك على ذمّ الدّنيا وعيبها ، وكثرة مخازيها ومساويها ، إذ قبضت عنه أطرافها ، ووطَّئت لغيره أكنافها . وفطم عن رضاعها ، وزوي عن زخارفها . ( الخطبة 158 ، 282 ) فتأسّ بنبيّك الأطيب الأطهر - صلَّى اللَّه عليه وآله - فإنّ فيه أسوة لمن تأسّى ، وعزاء لمن تعزّى . وأحبّ العباد إلى اللَّه المتأسّي بنبيّه ، والمقتصّ لأثره . قضم الدّنيا قضما ، ولم يعرها طرفا . أهضم أهل الدّنيا كشحا ، وأخمصهم من الدّنيا بطنا . عرضت عليه الدّنيا فأبى أن يقبلها . وعلم أنّ اللَّه سبحانه أبغض شيئا فأبغضه ، وحقر شيئا فحقّره ، وصغّر شيئا فصغّره . ولو لم يكن فينا إلَّا حبّنا ما أبغض اللَّه ورسوله ، وتعظيمنا ما صغّر اللَّه ورسوله ، لكفى به شقاقا للَّه ، ومحادّة عن أمر اللَّه . ولقد كان - صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم - يأكل على الأرض ، ويجلس جلسة العبد ، ويخصف بيده نعله ، ويرقع بيده ثوبه ، ويركب الحمار العاري ، ويردف خلفه . ويكون السّتر على باب بيته فتكون فيه التّصاوير ، فيقول : يا فلانة - لإحدى أزواجه - غيّبيه عنّي ، فإنّي إذا نظرت إليه ذكرت الدّنيا وزخارفها . فأعرض عن الدّنيا بقلبه ، وأمات ذكرها من نفسه ، وأحبّ أن تغيب زينتها عن عينه ، لكيلا يتّخذ منها رياشا ، ولا يعتقدها قرارا ، ولا يرجو فيها مقاما . فأخرجها من النّفس ، وأشخصها عن القلب ، وغيّبها عن البصر .
وكذلك من أبغض شيئا أبغض أن ينظر إليه ، وأن يذكر عنده .
ولقد كان في رسول اللَّه - صلَّى اللَّه عليه وآله - ما يدلَّك على مساوئ الدّنيا وعيوبها .
إذ جاع فيها مع خاصّته ، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته . فلينظر ناظر بعقله ، أكرم اللَّه محمّدا بذلك أم أهانه . فإن قال : أهانه ، فقد كذب - واللَّه العظيم - بالإفك العظيم ، وإن قال : أكرمه ، فليعلم أنّ اللَّه قد أهان غيره ، حيث بسط الدّنيا له ، وزواها عن أقرب النّاس منه . فتأسّى متأسّ بنبيّه ( أي فليقتد به ) ، واقتصّ أثره ، وولج مولجه . وإلَّا فلا يأمن الهلكة . فإنّ اللَّه جعل محمّدا - صلَّى اللَّه عليه وآله - علما للسّاعة

201

نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون    جلد : 1  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست