نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 152
الخير من اللَّه والشرّ من أنفسنا : من لطف اللَّه ورحمته أنّه لا يتخير للانسان إلَّا ما فيه صلاحه ، فان هو استفاد من هذا الصلاح سار في طريق الخير ، فكانت حسناته بتوفيق اللَّه تعالى . وإن هو ترك هذا الصلاح وسار في طريق الشرّ ، كانت سيئاته من فعل نفسه . ولذلك قال سبحانه : * ( ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ الله وما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ، ) * . إذن فاللَّه سبحانه لا يصنع الظلم ولا يفعل القبيح . وإن كلّ ما نتوهم أنّه ظلم من اللَّه تعالى ، فهو نتيجة قصورنا عن معرفة المصلحة المترتبة عليه . لأن اللَّه لا يفعل بالانسان إلَّا ما فيه صلاحه وخيره * ( إِنَّ الله لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً ولكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) * . فإذا اختار سبحانه لعبد من عباده الفقر ، فلعلمه بأن الغنى يفسده ، وإن أصاب عبدا مؤمنا بمحنة من مرض أو بلاء ، فصبر عليها ، كان ذلك سببا لتكفير ذنوبه . النصوص : قال الإمام علي ( ع ) : ولا يحمد حامد إلَّا ربّه ، ولا يلم لائم إلَّا نفسه . ( الخطبة 16 ، 59 ) وقدّر الأرزاق فكثّرها وقلَّلها ، وقسّمها على الضّيق والسّعة ، فعدل فيها . ( الخطبة 89 ، 4 175 ) ووسعهم عدله ، وغمرهم فضله ، مع تقصيرهم عن كنه ما هو أهله . ( الخطبة 89 ، 4 ، 177 ) أيّها النّاس ، إنّ اللَّه قد أعاذكم من أن يجور عليكم ، ولم يعذكم من أن يبتليكم . وقد قال جلّ من قائل * ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ) * . ( الخطبة 101 ، 198 ) وأيم اللَّه ما كان قوم قطَّ في غضّ نعمة من عيش فزال عنهم إلَّا بذنوب اجترحوها ، لأنّ اللَّه ليس بظلَّام للعبيد . ولو أنّ النّاس حين تنزل بهم النّقم ، وتزول عنهم النّعم ، فزعوا إلى ربّهم بصدق من نيّاتهم ، ووله من قلوبهم ، لردّ عليهم كلّ شارد ، وأصلح لهم كلّ
152
نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 152