نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 143
معارفها . وردعها بتلألؤ ضيائها عن المضيّ في سبحات إشراقها ( أي درجاته وأطواره ) ، وأكنّها في مكامنها ، عن الذّهاب في بلج ائتلاقها ( أي وضوح لمعانها ) . فهي مسدلة الجفون بالنّهار على حداقها ، وجاعلة اللَّيل سراجا تستدلّ به في التماس أرزاقها ، فلا يردّ أبصارها إسداف ظلمته ، ولا تمتنع من المضيّ فيه لغسق دجنّته ( أي شدة ظلمته ) . فإذا ألقت الشّمس قناعها ، وبدت أوضاح نهارها ، ودخل من إشراق نورها على الضّباب ( جمع ضب ) في وجارها ( مكان سكنها ) ، أطبقت الأجفان على مآقيها ، وتبلَّغت بما اكتسبته من المعاش في ظلم لياليها . فسبحان من جعل اللَّيل لها نهارا ومعاشا ، والنّهار سكنا وقرارا وجعل لها أجنحة من لحمها تعرج بها عند الحاجة إلى الطَّيران ، كأنّها شظايا ( أي شقق ) الآذان ، غير ذوات ريش ولا قصب . إلَّا إنّك ترى مواضع العروق بيّنة أعلاما . لها جناحان لمّا يرقّا فينشقّا ، ولم يغلظا فيثقلا . تطير وولدها لاصق بها ، لاجئُ إليها ، يقع إذا وقعت ، ويرتفع إذا ارتفعت ، لا يفارقها حتّى تشتدّ أركانه ، ويحمله للنّهوض جناحه ، ويعرف مذاهب عيشه ، ومصالح نفسه . فسبحان البارئُ لكلّ شيء ، على غير مثال خلا من غيره . ( الخطبة 153 ، 272 ) ( 28 ) الطيور وقال الإمام علي ( ع ) عن عجيب خلقة الطيور : ابتدعهم خلقا عجيبا من حيوان وموات ، وساكن وذي حركات . وأقام من شواهد البيّنات على لطيف صنعته وعظيم قدرته ، ما انقادت له العقول معترفة به ومسلَّمة له . ونعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيّته . وما ذرأ من مختلف صور الأطيار ، الَّتي أسكنها أخاديد الأرض ، وخروق فجاجها ورواسي أعلامها . من ذات أجنحة مختلفة وهيئات متباينة ، مصرّفة في زمام التّسخير ، ومرفرفة بأجنحتها في مخارق الجوّ المنفسح ، والفضاء المنفرج . كوّنها بعد إذ لم تكن ، في
143
نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 143