باعتبارهم هاشميين ( يلاحظ أنه لم يشترك فيها أحد من بني العباس ) ، وهم يعلمون أنهم مدينون للثورة بالكثير من الأوضاع والعوامل التي أوصلتهم إلى السلطة ، بل لقد كانت روحها وشعاراتها وذكرياتها من العوامل المباشرة في ذلك . مع هذا كله نرى أنهم كانوا يقفون منها موقفا سلبيا ، لأنهم كانوا يعلمون أن ذكرياتها وايحاءاتها يمكن أن تكون خطرا عليهم من حيث نظرة الناس إلى شرعية توليهم للسلطة ، وذلك بما تدعو إليه من إعطاء السلطة لآل علي من بني هاشم ، وتتضح أسباب حذر العباسيين من الثورة الحسينية بصورة أكثر إذا لا حظنا أن تحركات الحسنيين الثورية لم تنقطع بعد استقرار دولة بني العباس . كان لابد من هذه الكلمة عن كتب المقتل ، ليتبين الوضع الحقيقي لهذه الكتب من حيث صلاحها لتكون مصادر تاريخية لهذه الثورة . وهي كلمة لا تفي بما يجب أن تناله هذه الكتب عناية ، فكتب المقتل تصلح أن تكون موضوعا لدراسة علمية واسعة وعميقة تشتمل على تاريخ نشوء هذا النوع من كتابة التاريخ ، وتطوره ، ومنهجه ، ومحتوياته ، ونوعيات المؤلفين ، والأسلوب الذي كتب به ، وتطور هذا الأسلوب خلال العصور ، وعلاقة هذا الأسلوب بلغة الكتابة في المجالات الأخرى ، واللغات التي كتبت بها ( العربية ، والفارسية ، والتركية ، والأردية ، وغيرها ) والمحتوى الشعري لهذه الكتب التي بدأت - فيما نحسب - بأبي مخنف ولم تنته بعد ، فالكتابة في مقتل الحسين كانت ولا تزال موضوعا يثير الرغبة لدى الكثيرين ، ولذا فإن الدارس لهذا الموضوع سيجد مادة غنية وغزيرة ومتنوعة لبحثه ممتدة في جميع العصور الاسلامية ومنتشرة في