كتب المقتل - مما كتبه مؤلفون من غير الشيعة عن تاريخ هذه الثورة لا تسلم من مآخذ كبيرة أيضا . ففيما يتعلق برجال الثورة نلاحظ أن الأخباريين والمؤلفين لم يظهروا عناية خاصة بهم ، ولم يذكروا لنا واحدا منهم عن قصد لذكره ، وإنما ذكروا أولئك الذين تمر أسماؤهم عرضا في سياق الاخبار التي ينقلونها . وفيما يتعلق بأحداث الثورة . نلاحظ أنهم في كثير من الحالات لا يحرصون على الدقة والتفصيل فيما ينقلون من أحداثها ( نستثني من ذلك أبا مخنف ) . وقد يقال : إنهم عاملوها كغيرها من أحداث تلك الفترة ، ولعل هذا القول صحيح ، ولكنهم كانوا يعلمون ويحسون أن هذه الثورة ليست كغيرها من أحداث تلك الفترة ، فقد كانت مؤشرا كبيرا لتغير كبير في حياة المسلمين ، وقد وضعتهم على منعطف جديد تماما في حياتهم . وكان على هؤلاء المؤرخين - لهذا السبب - أن يحتفلوا لروايتها أكثر من غيرها ، وأن لا يفوتهم تسجيل كل ما يتصل بها من قريب أو بعيد . على أننا لا نستطيع أن نقبل القول بأنهم عاملوها كغيرها أحداث التاريخ ، بل نرى أنهم عاملوها بدرجة أقل من العناية ، متأثرين بالاتجاه السياسي الذي كان لا يشجع على رواية أحداثها ، بل يحرص على طمس تلك الاحداث ، لئلا تتفاعل في المجتمع وتؤدي إلى تغيير بعض المواقف السياسية . وهذا الامر فيما يتصل بالأمويين واضح ، ونرى أنه كذلك فيما يتصل بالعباسيين . فإن هؤلاء وإن كانوا يعتبرون الثورة إحدى إنجازاتهم التاريخية